الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الأصل الخامس :

العلم بأنه تعالى ليس بجسم مؤلف من جواهر إذ الجسم عبارة عن المؤلف من الجواهر ، وإذا بطل كونه جوهرا مخصوصا بحيز بطل كونه جسما لأن كل جسم مختص بحيز ومركب من جوهر فالجوهر ، يستحيل خلوه عن الافتراق والاجتماع والحركة والسكون والهيئة والمقدار وهذه سمات الحدوث .

.

التالي السابق


(الأصل الخامس: العلم بأنه تعالى ليس بجسم مؤلف من جواهر) فردة، وهي الأجزاء التي لا تتجزأ (إذ الجسم عبارة عن المؤلف من تلك الجواهر، وإذا بطل كونه جوهرا مخصوصا متحيزا) كما بين في الأصل الذي قبله (بطل كونه جسما) أي: إبطال كونه جوهرا يستقل بإبطال كونه جسما (لأن كل جسم مختص بحيز) هو الفراغ المتوهم الذي يشغله شيء ممتد أو غير ممتد (ومركب من جوهر، والجوهر يستحيل خلوه عن) الأكوان مثل (الافتراق والاجتماع والحركة والسكون والهيئة والمقدار) فهذه لاقتضائها الاحتياج .

وقال السبكي: لو كان تعالى جسما لكان مركبا، ولو كان مركبا لكان مفتقرا ضرورة، إن كل مركب متوقف، وكل متوقف مفتقر، ولو كان مفتقرا لكان ممكنا، وقد فرض واجب الوجود، هذا خلف، وقد يقال: لو كان الصانع مركبا فصفات الألوهية كالعلم مثلا لا يخلو إما أن تقوم بكل جزء فيلزم تعداد الإله، وهو محال، أو وجود المعنى الواحد في متعدد، وهو محال، أو بالبعض دون البعض، فيلزم الاختصاص بالغير أو بالترجيح من غير مرجح، أو بالمجموع بما هو مجموع، فيلزم التسلسل; لأن المجموع إن كانت له جهة واحدة نقل الكلام إليها، وإلا فليس إلا الأجزاء المتلاصقة، فما تقدم لازم. اهـ .

وقال النسفي في "شرح العمدة": الجسم اسم للمتركب، فمن أطلقه وعنى به المتركب، كاليهود وغلاة الروافض والحنابلة، فهو مخطئ في الاسم والمعنى; لأنه إن قام علم واحد وقدرة واحدة وإرادة واحدة بجميع الأجزاء فهو محال؛ لامتناع قيام الصفة الواحدة بالمحال المتعددة، وإن قام بكل جزء من أجزائه علم على حدة، وقدرة على حدة، وإرادة [ ص: 100 ] على حدة، فيكون كل جزء موصوفا بصفات الكمال، فيكون كل جزء إلها، فيفسد القول به كما فسد بإلهين، فإن لم يكن موصوفا بهذه الصفات فيكون موصوفا بأضدادها من سمات الحدوث، إذ كل قائم بالذات يجوز قبوله للصفات، وما لا يقوم به فإنما لا يقوم لقيام الضدية، ولو كان موصوفا بصفات النقصان لكان محدثا، ولا ناقد، دللنا على أن العالم بجميع أجزائه محدث، والأجسام من العالم، فيكون محدثا، وإلا لم يجب أن يكون قديما أزليا، فيمنع أن يكون جسما ضرورة .




الخدمات العلمية