الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويستديم النية إلى غسل الوجه فإن نسيها عند الوجه لم يجزه .

التالي السابق


ثم قال المصنف: (ويستديم النية) من أول شروعه في أفعال الوضوء، والأفضل عند غسل كفيه إلى أن يفرغ من الطهارة هذا هو الأفضل، فإن لم يستدم إلى آخرها فيستديم (إلى غسل الوجه) أي أول جزء من أجزائه، فإن فعل ذلك فقد صحت طهارته (فإن نسيها عند) غسل (الوجه لم يجزه) هذا كله بناء على مذهب الشافعي في إيجابه النية في طهارة الحدث والغسل من الجنابة نظرا لقوله عليه السلام: إنما الأعمال بالنيات، وبه قال مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة خلافا لأبي حنيفة، فإنه قال: لا تجب النية فيهما ويصحان مع عدمها إلا أن أحمد يقول: من بدأ بالنية عند غسل أول جزء من أجزاء الوجه لا تصح طهارته ذكره ابن هبيرة، وقال الرافعي: لا يجوز أن تتأخر النية عن أول غسل الوجه; لأنها لو تأخرت لخلا أول الفرض عن النية، وإذا لم تتأخر [ ص: 355 ] فإما أن تحدث مقارنة لأول غسل الوجه أو تتقدم، فإن حدثت مقارنة لأول غسل الوجه صح الوضوء ولا يجب الاستصحاب إلى آخر الوضوء لما فيه من العسر، ولكن لا يحصل له ثواب ما قبله من السنن، وقال النووي: قلت: وفي الحاوي وجه أنه يثاب عليها، والله أعلم، ثم قال الرافعي: وإن تقدمت عليه نظر إن استصحبها إلى أن ابتدأ بغسل الوجه صح الوضوء وحصل ثواب السنن المنوية قبله، وإن قارنت ما قبله ففي صحة الوضوء وجهان أحدهما الصحة وأصحهما المنع، ثم قال: وقول المصنف في الوجيز: وقت النية حالة غسل الوجه مؤول; لأن إطلاق غسل الوجه يتناول جميعه، والجميع ليس بوقت النية لا بمعنى أنه يجب اقتران النية بالكل كقولنا وقت الصوم النهار; لأنه يجوز أن يغسل الوجه على التدريج ولا تقترن النية بما سوى الجزء الأول ولا بمعنى أنه تجزئ النية في أي بعض من أبعاضه اتفقت كقولنا وقت الصلاة كذا الآن اقترانها بما سوى الجزء الأول لا يغني، فإذا المراد أول غسل الوجه، والله أعلم .




الخدمات العلمية