الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثامنة ما طال من اللحية ، وإنما أخرناها لنلحق بها ما في اللحية من السنن والبدع ؛ إذ هذا أقرب موضع يليق به ذكرها ، وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل : إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين وكرهه الحسن وقتادة وقالا تركها : عافية أحب لقوله صلى الله عليه وسلم : اعفوا اللحى والأمر في هذا قريب إن ؛ لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية .

وقال النخعي عجبت لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها بين لحيتين ، فإن التوسط في كل شيء حسن ولذلك قيل كلما طالت اللحية تشمر العقل .

التالي السابق


(الثامن) من خصال الفطرة ، كما هو في حديث عائشة على ما سيأتي بيانه إعفاء اللحى ، وهو (ما طال من اللحية ، وإنما أخرناها لنلحق بها ما في اللحية من السنن والبدع ؛ إذ هذا أقرب موضع يليق به ذكرها ، وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل : إن قبض الرجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس) في ذلك (فقد فعله) من الصحابة عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (وجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي) الفقيه عامر بن شراحيل (وابن سيرين) محمد وآخرون (وكرهه الحسن) البصري (وقتادة) بن دعامة أبو الخطاب السدوسي (وقالوا : اتركها عافية) ، أي : عفوا (أحب لقوله صلى الله عليه وسلم : اعفوا اللحى ) ، كما في الصحيحين من حديث ابن عمر ، وفي راوية : أوفوا ، وفي رواية : وفروا ، وفي رواية : أرخوا بالخاء المعجمة على المشهور وقيل : بالجيم من الترك والتأخير وأصله الهمز فحذف تخفيفا وإعفاء اللحية توفير شعرها وتكثيره وأنه لا يأخذ منه كالشارب من عفا الشيء إذا كثر وزاد ، وهو من الأضداد ، وفي الفعل المتعدي لغتان أعفاه وعفاه وجاء المصدر هنا على الرباعي قال العراقي واستدل به الجمهور على أن الأولى ترك اللحية على حالها وأن لا يقطع منها شيء ، وهو قول الشافعي وأصحابه ، وقال عياض : يكره حلقها وقصها وتحريفها ، وقال القرطبي في المفهم : لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الكثير منها ، قال عياض : وأما الأخذ من طولها فحسن قال : ويكره الشهرة في تعظيمها ، كما يكره في قصها وجزها قال : وقد اختلف السلف هل لذلك حد ؟ فمنهم من لم يحدد شيئا في ذلك إلا أنه لا يتركها بحد الشهرة ويأخذ منها وكره مالك طولها جدا ، ومنهم من حدد بما زاد على القبضة فيزال ، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة اهـ. (والأمر في هذا قريب ؛ إذ لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب) ، كما هو شأن أهل الذعارة (فإن الطول المفرط) فيها (قد يشوه الخلقة) الأصلية (ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز) والتعييب (إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية وقال) إبراهيم بن الأسود (النخعي) فقيه الكوفة : (عجبت لرجل) ونص القوت عجبا من رجل (عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها) ونص القوت فيجعلها (بين لحيتين ، فإن التوسط في كل شيء حسن ولذلك قيل) ونص القوت ، وقال بعض الأدباء : (كلما طالت [ ص: 420 ] اللحية تشمر العقل) ، وقال آخر ما طالت اللحية من رجل إلا ونقص من عقله بمقدار ما طال من لحيته قال صاحب القوت وأنشدت لبعض الظرفاء :

لا تعجبن للحية طالت منابتها طويله نهوى بما عصف الريا
ح كأنها ذنب الحسيله قد يدرك الشرف الفتى
يوما ولحيته قليله

وأنشدت لبعض العرب :

لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى ولكنما الفتيان كل فتى ندى






الخدمات العلمية