الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويروى إن الطاهر كالصائم قال صلى الله عليه وسلم : من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع طرفه إلى السماء فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء وقال عمر رضي الله عنه إن الوضوء الصالح يطرد عنك الشيطان .

وقال مجاهد من استطاع أن لا يبيت إلا طاهرا ذاكرا مستغفرا فليفعل ، فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه .

التالي السابق


(ويروى أن الطاهر كالصائم ) قال العراقي : رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث عمرو بن حريث بلفظ : الطاهر النائم كالصائم القائم وسنده ضعيف اهـ. أي أن الذي يبيت طاهرا في فراشه فروحه تجول في الملكوت الأعلى ، وهو بمنزلة الصائم الذي يقوم بورده .

(وقال صلى الله عليه وسلم : من توضأ فأحسن الوضوء) ، أي : أتمه وأسبغه بالمبالغة فيه (ثم رفع طرفه) ، أي : نظره (إلى السماء) ، أي : لكونه قبلة الدعاء (فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) قال العراقي : رواه أبو داود من حديث عقبة بن عامر ، وهو عند مسلم دون قوله ، ثم رفع اهـ. قلت : لفظ أبي داود : ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ، ثم يقول حين يفرغ من وضوئه ، ثم ساق الحديث وفيه : وأن محمدا ، وفي لفظ له : فأحسن الوضوء ، كما عند المصنف وفيه : ثم رفع نظره إلى السماء فقال ، وفي إسناد هذا رجل مجهول ، وأخرجه الترمذي من حديث أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر مختصرا وفيه دعاء وقال : وهذا حديث فيه اضطراب في إسناده وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئا ، وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه كالسياق الأول ، وقد تقدم شيء من ذلك وحققه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الأذكار بما [ ص: 376 ] لا مزيد عليه ، وقد رواه أيضا أحمد والطبراني في الكبير من حديث عقبة كرواية أبي داود الثانية ، ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن السني وأبو يعلى والخطيب من حديث عمرو وفيه ، ثم رفع بصره إلى السماء وفيه : وأشهد أن محمدا وفيه فتحت له ثمانية أبواب الجنة ، وقد رواه ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجه وابن السني من حديث أنس والطبراني في الكبير من حديث ثوبان وليس فيه رفع البصر إلا أنه بتكرار التشهد ثلاث مرات ، ورواه البزار من حديث ثوبان وفيه رفع البصر ، كما تقدمت الإشارة إليه ، ورواه الخطيب وابن النجار من حديث أنس بمثل حديث ثوبان .

(وقال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (إن الوضوء الصالح) ، أي : الكامل بالإسباغ والمبالغة (يطرد عنك الشيطان) لكونه سلاح المؤمن (وقال مجاهد) بن جبير : أبو الحجاج مولى بني مخزوم روى عن أبي هريرة وابن عباس وسعد ، وعن قتادة وابن عون ثقة توفي سنة 114 (من استطاع أن لا يبيت إلا طاهرا) ، أي : متوضئا (ذاكرا) لله تعالى (مستغفرا) من ذنوبه (فليفعل ، فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه) ، وقد جاءت في المبيت طاهرا أحاديث مرفوعة تؤيد هذا الأثر منها ما أخرجه الدارقطني في الأفراد عن أبي هريرة وابن عساكر في تاريخه وابن حبان عن ابن عمر من بات طاهرا بات في شعاره ملك فلا يستغفر ساعة من الليل إلا قال الملك : اللهم اغفر لعبدك فلان ، فإنه بات طاهرا ، وعند الطبراني في الأوسط عن أبي أمامة والخطيب في المتفق والمفترق عن عمرو بن عبسة بسند حسن : من بات طاهرا لم يتعار ساعة من الليل يسأل الله فيها شيئا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه، وأخرج ابن السني من حديث أنس : من بات على طهارة ، ثم مات من ليلته مات شهيدا ، وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمرو بن عبسة : من بات طاهرا على ذكر الله حتى ترجع إليه روحه لم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا آتاه إياه والله الموفق .




الخدمات العلمية