الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما عداه من الأغسال سنة كغسل العيدين والجمعة والأعياد والإحرام والوقوف بعرفة .

التالي السابق


(وما عداه من الأغسال) ، أي : ما سوى المذكور من الأربعة (سنة) وهي أربعة (كالغسل ليوم الجمعة ) ، وعند مالك هو واجب لقوله عليه السلام : من أتى منكم الجمعة فليغتسل متفق عليه أمر ، وهو للوجوب قلنا : كان ذلك في الابتداء ، ثم نسخ لما روى أبو داود عن عكرمة أن أناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا : يا ابن عباس أترى الغسل يوم الجمعة واجبا ؟ قال لا ، لكنه أطهر وخير لمن اغتسل وسأخبركم كيف بدأ الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم ، وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف إنما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بعضهم بذلك بعضا فلما وجد تلك الرياح قال : يا أيها الناس إذا كان [ ص: 385 ] هذا اليوم فاغسلوا وليمس أحدكم أمثل ما يجد من دهنه وطيبه قال ابن عباس : ثم جاء الله بالخير ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : بينما عمر يخطب الناس يوم الجمعة ؛ إذ دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر فقال : ما بال رجال يتأخرون بعد النداء فقال عثمان : يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداءات توضأت ، ثم أقبلت فقال عمر : والوضوء أيضا ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل فلو كان الأمر للوجوب لما اكتفى عثمان بالوضوء ولما سكت عمر والصحابة عن إلزامه بالغسل ولو وقع لنقل ، ثم غسل الجمعة للصلاة عند أبي يوسف وهو الأصح ولليوم عند الحسن بن زياد ، لكن بشرط أن يتقدم على الصلاة ولذا قال قاضيخان في فتاويه : إنه لو اغتسل بعد الصلاة لا يعتبر بالإجماع وسيأتي في باب الجمعة قريبا (و) كغسل (العيدين) الفطر والأضحى لما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل فيهما وكونه للصلاة قول أبي يوسف ، كما في الجمعة (و) كغسل (الإحرام) بحج أو عمرة أو بهما ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل ، وهو غسل تنظيف لا تطهير (و) كالغسل (لوقوف يوم عرفة ) للحاج لا لغيرهم ولا خارجا عن عرفة ويكون بعد الزوال لا قبله لينال فضل الغسل للوقوف فهذه أربعة أغسال مسنونة ، ثم إن هذه الأربعة التي قال المصنف بسنيتها فقد صحح صاحب الهداية وغيره أنها مستحبة لا سنة ؛ لأن الوجوب إما غير مراد من الأمر كما تقدم في قصة عثمان أو أنه كان ، ثم نسخ ، كما ذكر ابن عباس ، فإن كان الأمر للندب فلا كلام ، وإن كان للوجوب ، فإذا نسخ الوجوب لا يبقى الندب أيضا إلا أنه قد دل الدليل على الاستحباب ، وهو قوله عليه السلام : ومن اغتسل فهو أفضل ، وكذا غسل العيدين الأصح أنه مستحب قياسا على الجمعة ؛ لأنه يوم اجتماع مثلها ، وكذا غسل يوم عرفة مستحب أيضا قياسا على الجمعة للاجتماع ، وكذا الغسل عند الإحرام مستحب أيضا وما ذكر فيه من الحديث فواقعه حال لا تستلزم المواظبة واللازم الاستحباب قاله ابن الهمام.




الخدمات العلمية