الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
هذا حكم الرجال وأما النساء فقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يحل للرجل أن يدخل حليلته الحمام ، وفي البيت مستحم والمشهور أنه حرام على الرجال دخول الحمام إلا بمئزر وحرام على المرأة دخول الحمام إلا نفساء أو مريضة .

ودخلت عائشة رضي الله عنها حماما من سقم بها .

فإن دخلت لضرورة فلا تدخل إلا بمئزر سابغ ويكره للرجل أن يعطيها أجرة الحمام فيكون معينا لها على المكروه .

التالي السابق


(هذا حكم الرجال) في دخولهم الحمام (وأما النساء) فلا ينبغي دخولهن فيه لما اشتمل عليه من المفاسد الدينية والعوائد الردية ؛ لأنهم اختلفوا في المرأة مع المرأة هل حكمها حكم الرجل مع الرجل أو حكم الرجل مع الأجنبية أو حكم الرجل مع ذوات محارمه وهن قد تركن ذلك كله وخرجن عن إجماع الأمة بدخولهن باديات العورات ، وإن قدرنا أن امرأة منهن سترت من سرتها إلى ركبتها عير ذلك عليها وسمعنها من الكلام ما لا ينبغي حتى تزيل السترة عنها ، ثم ينضاف إلى ذلك محرم آخر ، وهو أن اليهودية والنصرانية لا يجوز [ ص: 407 ] لها أن ترى بدن الحرة المسلمة وهن يجتمعن في الحمام مسلمات ويهوديات ونصرانيات فيكشف بعضهن على عورة بعضهن (فقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يحل للرجل أن يدخل حليلته الحمام ، وفي البيت مستحم ) ، أي : لا يحل أن يأذن الرجل زوجته في دخول الحمام والحال أن في البيت موضع استحمام ، وهذا لما يترتب على دخولها من المفاسد الدينية التي تقدم ذكر بعضها وبعضها أنها إذا أرادت الحمام استصحبت معها أفخر ثيابها وأنفس حليها فتلبسه حين فراغها من الغسل في الحمام حتى يراها غيرها فتقع بذلك المفاخرة والمباهاة وربما يكون ذلك سببا للفراق عن زوجها أو الإقامة على شنآن بينهما طول المدة هذا حال غالبهن ، وهو نقيض التوادد والألفة والسكون المطلوبة في الشرع ، فإن قال قائل : الغسل في البيت يصعب عليها فالجواب لو أنفق في خلوة يعملها في البيت من بعض ما يعطي في الصداق لانسدت هذه الثلمة فلو قال أيضا : إن الغسل في البيت لا يكون كالحمام سيما في أيام البرد فالجواب أن أيام البرد يمكن المرأة أن تستغني فيها عن الغسل بالسدر وما شاكله ؛ إذ إن أيام البرد لا يجتمع فيها الوسخ ولا الغبار كثيرا ، فإذا فرغت أيام البرد كان الغسل في البيت المهيأ له لا مشقة فيه ويكفيها في تلك المدة أنها تغتسل من الحيض كما تغتسل من الجنابة ، ولكن يجب على الزوج أن يعلمها سرعة الغسل وذلك من السنة الماضية وأنها إذا اغتسلت في البيت تغطي رأسها لا تكشفه إلا وقت الغسل وخللت شعر رأسها وأفاضت الماء عليه ، ثم نشفته في الوقت وغطته ، ثم بعد ذلك تغسل سائر بدنها خيفة أن يصيبها في رأسها ألم إذا هي كشفته حتى تفرغ من غسل بدنها والحديث المذكور أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي والحاكم وصححه من حديث جابر بلفظ : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام قاله العراقي قلت : إسناد النسائي جيد وإسناد الترمذي ضعيف لضعف رواية ليث بن أبي سليم ، ورواه الحاكم ، وقال على شرط مسلم وأقره الذهبي ، ورواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر وإسناد أبي داود فيه انقطاع ، وعند أبي يعلى وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم والعقيلي في الضعفاء من حديث عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب ولفظه مثل الأول وفيه زيادة : ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا يدخلن الحمام (والمشهور) على ألسنة الناس (حرام على الرجال دخول الحمام إلا بمئزر وحرام على المرأة دخول الحمام إلا نفساء أو مريضة ) ، أما الجملة الأولى منه فمعناها في الحديث الذي تقدم والجملة الثانية معناها عند الحاكم في الأدب من حديث عائشة دخل عليها نسوة فقالت : من أنتن ؟ قلن : من حمص فقالت : صواحب الحمامات ؟ قلن : نعم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الحمام حرام على نساء أمتي ، وقال : صحيح الإسناد وأقره الذهبي ولأبي داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر فلا يدخلها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء (ودخلت عائشة رضي الله عنها حماما من سقم بها ) أورده صاحب القوت ، وقد روى البيهقي من حديث يحيى بن أبي طالب عن أبي خباب عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما يسر عائشة أن لها مثل أحد ذهبا وأنها دخلت الحمام (فإن دخلت المرأة لضرورة) كحيض أو نفاس أو سقم ولم يكن في البيت مستحم (فلا تدخل إلا بمئزر سابغ) من رأسها إلى منتهى ساقيها وبشرط أن تختلي في موضع خاص منه ولا يدخل عليها أحد من النساء الأجانب (ويكره للرجل أن يعطيها أجرة الحمام فيكون معينا لها على المكروه) التحريمي أو التنزيهي فيكون كفاعل المكروه .




الخدمات العلمية