الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا حد ) بلازم ( بشبهة المحل ) أي الملك وتسمى شبهة حكمية أي الثابت حكم الشرع بحله ( وإن ظن حرمته كوطء أمة ولده وولد ولده ) وإن سفل ولو ولده حيا فتح ، لحديث " { أنت ومالك لأبيك } " ( ومعتدة الكنايات ) ولو خلعا خلا عن مال [ ص: 20 ] وإن نوى بها ثلاثا نهر ; لقول عمر رضي الله عنه : الكنايات رواجع ( و ) وطء ( البائع ) الأمة ( المبيعة والزوج ) الأمة ( الممهورة قبل تسليمها ) لمشتر وزوجة وكذا بعده في الفاسد ( ووطء الشريك ) أي أحد الشريكين ( الجارية المشتركة و ) وطء ( جارية مكاتبه وعبده المأذون له وعليه دين محيط بماله ورقبته ) زيلعي ( ووطء جارية من الغنيمة بعد الإحراز ) بدارنا ( أو قبله ) ووطء جاريته قبل الاستبراء ، والتي فيها خيار للمشتري ، [ ص: 21 ] والتي هي أخته رضاعا وزوجة حرمت بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه لأمها أو بنتها لأن من الأئمة من لم يحرم به غير ذلك كما لا يخفى على المتتبع ، فدعوى الحصر في ستة مواضع ممنوعة .

التالي السابق


( قوله لا حد بلازم ) أي ثابت . مطلب في بيان شبهة المحل ( قوله بشبهة المحل ) هو الموطوءة كما مر وهي المنافية للحرمة ذاتا ، على معنى أنا لو نظرنا إلى الدليل مع قطع النظر عن المانع يكون منافيا للحرمة نهر ، يعني أن النظر إلى ذات الدليل ينفي الحرمة ويثبت الحل مع قطع النظر عن المانع كما في القهستاني .

وحاصله أنها وجد فيها دليل مثبت للحل لكنه عارضه مانع فأورث هذا الدليل شبهة في حل المحل والإضافة فيها على معنى في . وقال الزيلعي : أي لا يجب الحد بشبهة وجدت في المحل وإن علم حرمته ; لأن الشبهة إذا كانت في الموطوءة ثبت فيها الملك من وجه فلم يبق معه اسم الزنا فامتنع الحد على التقادير كلها ، وهذا ; لأن الدليل المثبت للحل قائم وإن تخلف عن إثباته حقيقة لمانع فأورث شبهة فلهذا سمي هذا النوع شبهة في المحل ; لأنها نشأت عن دليل موجب للحل في المحل ، بيانه قوله عليه الصلاة والسلام { أنت ومالك لأبيك } " يقتضي الملك ; لأن اللام فيه للملك ا هـ أي وقد عارضه مانع مع إرادة حقيقة الملك وهو الإجماع على عدم إرادته حقيقة فثبتت الشبهة عملا باللام بقدر الإمكان ( قوله أي الملك ) بمعنى المملوك ، فلا ينافي تفسيره أيضا بالموطوءة فافهم : أي شبهة كون المحل مملوكا له أو المصدر بمعنى المالكية أي كونه مالكا له ( قوله وتسمى شبهة حكمية ) لكون الثابت فيها شبهة الحكم بالحل .

( قوله أي الثابت حكم الشرع بحله ) بنصب الثابت على أن ذلك تفسير لقوله شبهة حكمية ، أو يجره على أنه تفسير لقوله بشبهة المحل وضمير حله للمحل . وعبارة الفتح وشبهة في المحل ، وتسمى شبهة حكمية وشبهة ملك أي الثابت شبهة حكم الشرع بحل المحل ، فأسقط الشارح لفظ شبهة ولا بد منه ; لأن نفس حكم الشرع بحله لم يثبت ، وإنما الثابت شبهته يعني أنها هي التي ثبت فيها شبهة الحكم بالحل لا حقيقته ، لكون دليل الحل عارضه مانع كما مر ( قوله ولو ولده حيا ) مبالغة على قوله وولد ولده ج .

وتمام عبارة الفتح : وإن لم يكن له ولاية تملك مال ابن ابنه حال قيام ابنه وتقدمت هذه المسألة في باب نكاح الرقيق ثم في الاستيلاد ا هـ وسنذكر أنه لا يثبت فيها النسب من الجد إذا كان ولده حيا ( قوله لحديث إلخ ) رواه ابن ماجه عن جابر بسند صحيح ، وتمامه في الفتح وذكر فيه القصة ( قوله ولو خلعا خلا عن مال ) أما لو كانت بغير لفظ الخلع فهي داخلة بالأولى ، وقد يكون الخلع [ ص: 20 ] خلا عن مال ; لأنه لو كان على مال لم يكن من هذا القسم بل يكون من شبهة الفعل الآتية ، فلا ينتفي عنه الحد إلا إذا ظن الحل كما في المطلقة ثلاثا ; لأنه لم يقل أحد إن المختلعة على مال تقع فرقتها طلاقا رجعيا ، وإنما اختلف الصحابة في كونها فسخا أو طلاقا ، يعني بائنا فالحرمة ثابتة على كل حال ، وبهذا يعرف خطأ من بحث .

وقال ينبغي جعلها من الشبهة الحكمية ، هذا حاصل ما حققه في فتح القدير ، ويشهد له قوله في الهداية : والمختلعة والمطلقة على مال بمنزلة المطلقة الثلاث لثبوت الحرمة بالإجماع ، ومثله في البحر عن البدائع : وبه يعلم أن ما نقله قبله عن جامع النسفي من أنه لا حد وإن علم الحرمة لاختلاف الصحابة في كونه بائنا محمول على ما إذا كان الخلع بلا مال ، كما أن ما في المجتبى من أن المختلعة ينبغي أن تكون كالمطلقة ثلاثا لحرمتها إجماعا محمول على ما إذا كان بمال توفيقا بين كلامهم فافهم ( قوله وإن نوى بها ثلاثا ) أي بالكنايات ، فلا يحد بوطئها في العدة وإن قال علمت أنها حرام لتحقق الاختلاف ، ; لأن دليل المخالف قائم وإن كان غير معمول به عندنا أفاده في الفتح ثم قال : وفي هذه المسألة يقال مطلقة ثلاث وطئت في العدة وقال علمت حرمتها لا يحد ( قوله الممهورة ) أي التي جعلها مهرا لزوجته ( قوله قبل تسليمها لمشتر وزوجة ) لف ونشر مرتب ; لأنهما في ضمان البائع أو الزوج وتعودان إلى ملكه بالهلاك قبل التسليم وكان مسلطا على الوطء بالملك واليد ، وقد بقيت اليد فتبقى الشبهة زيلعي ( قوله وكذا بعده في الفاسد ) الأولى أن يقوله وكذا في الفاسد ولو بعده : أي بعد التسليم .

قال في البحر أما قبله فبقاء الملك ، وأما بعده فلأن له حق الفسخ فله حق الملك . ا هـ . وقد يقال : إن وطء البائع في الفاسد قبل التسليم ليس مما نحن فيه ; لأنه وطء في حقيقة الملك لا في شبهته ، فقوله بعده للاحتراز عما قبله تأمل ( قوله ووطء الشريك إلخ ) ; لأن ملكه في البعض ثابت فتكون الشبهة فيها أظهر زيلعي ، وهذا إذا لم يكن أعتقها أحد الشريكين وإلا ففيه تفصيل مذكور في الخانية ( قوله ووطء جارية مكاتبه وعبده إلخ ) ; لأن له حقا في كسب عبده فكان شبهة في حقه زيلعي ، وأما غير المديون فهو على ملك سيده ( قوله ووطء جارية من الغنيمة ) أي وطء أحد الغانمين قبل القسمة كما في البحر عن البدائع ، قال ح : وسيأتي في كتاب السرقة عن الغاية بحثا عدم قطع من سرق من الغنم وإن لم يكن له حق فيه ; لأنه مباح الأصل فصار شبهة فكان ينبغي الإطلاق هنا أيضا تأمل . ا هـ .

قلت : وفيه أن ما كان مباح الأصل هو ما يوجد في دار الإسلام تافها مباحا كالصيد والحشيش فهذا لا يقطع به وإن ملك وسرق من حرز ، وجارية المغنم ليست كذلك وإلا لزم أن لا يقطع بها ولو بعد الإحراز والقسمة ، وكذا لو زنى بها تأمل ( قوله ووطء جاريته قبل الاستبراء ) هذه من زيادات الفتح .

وفيه أن الملك فيها كامل من كل وجه إلا أنه منع من وطئه لها خوف اشتباه النسب ، والكلام في وطء حرام سقط فيه الحد لشبهة الملك ، وهذه فيها حقيقة الملك فكانت كوطء الزوجة الحائض والنفساء والصائمة والمحرمة مما منع من وطئها لعارض الأذى أو إفساد العبادة مع قيام الملك ، إلا أن يراد بشبهة الملك ملك الوطء لا ملك الرقبة فليتأمل ( قوله والتي فيها خيار للمشتري ) أي إذا وطئها البائع واقتصر على ذكر المشتري ; لأنه يعلم منه ما إذا كان الخيار للبائع بالأولى ; لأنه لم يحد [ ص: 21 ] إذا كان للبائع لبقاء ملكه ، وإن كان للمشتري فلأن المبيع لم يخرج عن ملك بائعه بالكلية كما في البحر أفاده ط . وقد يقال : إن المناسب أن لا يذكر خيار البائع ; لأن وطأه في حقيقة الملك لا في شبهته نظير ما مر ، فكان الأولى ما ذكره الشارح ، ويفهم منه ما إذا كان الخيار لهما أو لأجنبي فافهم .

وفي التتارخانية : ولو باع جارية على أنه بالخيار فوطئها المشتري أو كان الخيار للمشتري فوطئها البائع فإنه لا يحد علم بالحرمة أو لم يعلم ( قوله والتي هي أخته رضاعا ) أي ووطء أمته التي هي أخته رضاعا .

قلت : ومثلها أمته المجوسية والتي تحته أختها لوجود الملك فيهما أيضا مع أن حرمتهما غير مؤبدة تأمل ( قوله من لم يحرم به ) أي بالمذكور من الردة وما بعدها ، أما الردة فقد تقدم في كتاب النكاح أن مشايخ بلخ أفتوا بعدم الفرقة بردتها ، وأما فيما بعدها فلخلاف الشافعي رحمه الله تعالى . ا هـ . ح ( قوله وغير ذلك ) منه ما ذكرناه من المجوسية والتي تحته أختها ( قوله فدعوى الحصر ) أي المفهوم من قول الهداية وغيرها والشبهة في المحل في ستة مواضع

.



الخدمات العلمية