الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قطعت يده عمدا فارتد والعياذ بالله ومات منه أو لحق ) فحكم به ( فجاء مسلما فمات منه ضمن القاطع نصف الدية في ماله لوارثه ) في المسألتين لأن السراية حلت محلا غير معصوم فأهدرت ، [ ص: 256 ] قيد بالعمد لأنه في الخطأ على العاقلة ( و ) قيدنا بالحكم بلحاقه لأنه ( إن ) عاد قبله أو ( أسلم هاهنا ) ولم يلحق ( فمات منه ) بالسراية ( ضمن ) الدية ( كلها ) لكونه معصوما وقت السراية أيضا ارتد القاطع فقتل أو مات ثم سرى إلى النفس فهدر لو عمد الفوات محل القود ، ولو خطأ فالدية على العاقلة في ثلاث سنين من يوم القضاء عليهم خانية . ولا عاقلة لمرتد .

التالي السابق


( قوله فارتد ) أفاد أن الردة بعد القطع ، فلو قبله لا يضمن قاطعه ، إذ لو قتله لا يضمن كما مر ( قوله والعياذ بالله ) مبتدأ وخبر أو بالنصب مفعول مطلق : أي نعوذ العياذ بالله تعالى ( قوله ومات منه ) أي من القطع : أي مات مرتدا ، فلو مسلما فيأتي ( قوله نصف الدية ) أي ضمن دية اليد فقط وذلك نصف دية النفس ، ولا يضمن بالسراية إلى النفس شيئا ( قوله لوارثه ) إنما كانت له لأنها بمنزلة كسب الإسلام ( قوله لأن السراية إلخ ) تعليل للمسألة الأولى . وعلل الثانية في الهداية بأنه صار ميتا [ ص: 256 ] تقديرا والموت يقطع السراية ، وإسلامه حياة حادثة في التقدير فلا يعود حكم الجناية الأولى ا هـ وإنما سقط القصاص لاعتراض الردة ( قوله لأنه في الخطأ على العاقلة ) الضمير يرجع إلى ما ذكر من ضمان نصف الدية ، وفيه أن العاقلة لا تعقل الأطراف فليتأمل ط . أقول : لم نر من قال ذلك وإنما المصرح به أن العاقلة لا تعقل ما دون نصف عشر الدية والواجب هنا نصف الدية فتتحمله العاقلة بلا شبهة ( قوله كلها ) هذا عندهما ، وعند محمد النصف بحر ( قوله ارتد القاطع ) لما بين حكم المقطوع المرتد أراد بيان حكم القاطع المرتد ط ( قوله لفوات محل القود ) مقتضاه عدم الفرق في القاطع بين أن يرتد أو لا ط . قلت : وقد صرحوا في الجنايات بأن موت القاتل قبل المقتول مسقط للقود ( قوله فالدية على العاقلة ) لأنه حين القطع كان مسلما وتبين أن الجناية قتل بحر ( قوله ولا عاقلة لمرتد ) اعترض بأنه لا محل له هنا ، بل محله عند قوله مرتد قتل رجلا خطأ . قلت : أشار بذكره هنا إشارة خفية كما هو عادته شكر الله تعالى سعيه إلى فائدة التقييد بكون الردة بعد القطع في قوله ارتد القاطع ، وهي ما لو كان القطع في حال الردة فإنه لا شيء على العاقلة فإنه لا عاقلة للمرتد ، فاستغنى بالتعليل عن التصريح بالمعلل لانفهامه مما قبله ولا تنس قوله في خطبة الكتاب فربما خالفت في حكم أو دليل ، فحسبه من لا اطلاع له ولا فهم عدولا عن السبيل إلخ فافهم




الخدمات العلمية