الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قلت : وزدت على ما ذكره مسائل : الأولى : لو ادعى على رجل شيئا وأراد استحلافه . فقال المدعى عليه هو لابني الصغير فلا يحلف . وفي فتاوى الفضلي : عليه اليمين في قولهم جميعا ، فإذا استحلف فنكل [ ص: 489 ] والمدعى أرض يقضى بالأرض للمدعي ثم ينتظر بلوغ الصبي ، إن صدق المدعي كان كما قال ، وإن كذبه ضمن الولد قيمة الأرض ، ويؤخذ الأرض من المدعي وتدفع للصبي ، وهذا بمنزلة ما لو أقر لغائب لم يظهر جحوده ولا تصديقه لا تسقط عنه اليمين فكذلك هنا . قلت : وعلى الأول رجوع هذه إلى قول المصنف : ولا يستحلف الأب في مال الصبي لأنه لما أقر بها للصبي ظهر أنها من ماله وفيه تأمل . الثانية - لو اشترى دارا فحضر الشفيع فأنكر المشتري الشراء . قال في النوازل : ولو أن رجلا اشترى دارا فحضر الشفيع فأنكر المشتري الشراء أو أقر أن الدار لابنه الصغير ولا بينة فلا يمين على المشتري لأنه قد لزمه الإقرار لابنه فلا يجوز الإقرار لغيره بعد ذلك . .

التالي السابق


( قوله : قلت ) من كلام الشرف الغزي ط ( قوله وفي فتاوى الفضلي إلخ ) الذي يظهر خلافه ، ولذا قدمه الشارح وجزم به غير واحد في باب الإقرار . ا هـ . سائحاني . [ ص: 489 ] قلت : وفي الأشباه من فن الحيل : إذا ادعى عليه شيئا باطلا فالحيلة لمنع اليمين أن يقر به لابنه أو لأجنبي ، وفي الثاني خلاف ا هـ ومقتضاه أنه لا خلاف في الأول ، وهو مباين لقول الفضلي عليه اليمين في قولهم جميعا . وذكر في جامع الفصولين أن بعض المشايخ سووا بين الصغير والأجنبي دفعا للحيل ، وبعضهم فرقوا بينهما بأن إقراره للغائب يتوقف عمله على تصديقه ، فلا يملك العين بمجرد الإقرار فلا تسقط اليمين ، بخلاف إقراره للصغير ( قوله : والمدعى أرض ) جملة حالية والظاهر أنه غير قيد . وفي بعض النسخ أرضا .

وفي بعضها : والمدعى عليه أرض وكلاهما تحريف ( قوله : ضمن الولد قيمة الأرض ) أي للمدعي ا هـ ح ( قوله : وهذا بمنزلة ما لو أقر لغائب لم يظهر جحوده ولا تصديقه ) جملة لم يظهر إلخ صفة لغائب ، ويوجد في بعض النسخ بعد قوله لغائب ما نصه : أي رجل ادعى على آخر أن ما في يده ملكي فقال المدعى عليه : هو لفلان الغائب مثلا لم يظهر جحوده ولا تصديقه ، والظاهر أنها هامش ألحقت بالأصل في غير محلها ( قوله : لا تسقط عنه اليمين ) أي فيحلف للمدعي ، فإن نكل قضي به عليه وينتظر قدوم الغائب فإن صدق المدعي فيها وإلا دفع له وضمن قيمته للمدعي ط ( قوله : قلت ) من كلام الشرف الغزي ( قوله وعلى الأول ) أي القول بعد التحليف ( قوله : إلى قول المصنف ) أي صاحب الأشباه وهو ما مر آنفا عن الإسبيجابي ( قوله وفيه تأمل ) لعل وجهه أن قول المصنف فيما تحقق أنه مال الصبي وهنا لم يعرف أنه ماله إلا بإقرار الأب ، ويمكن أنه أقر تحيلا لدفع الدعوى عنه ط ( قوله : فأنكر المشتري الشراء ) يعني وأقر أنها لابنه كما ذكره عن النوازل ، وإلا فمجرد إنكار الشراء لا يدفع عنه التحليف بل يحلف ، فإن نكل قضي بها عليه كما ذكروه في كتاب الشفعة ( قوله : أو أقر أن الدار ) الصواب العطف بالواو لا بأو ولما علمت . وفي جامع الفصولين : ادعى شفعة بجوار فقال خصمه : هذه الدار لابني هذا الطفل صح إقراره لابنه ، إذ الدار في يده واليد دليل الملك فكان مقرا على نفسه فصح ، وليس للشفيع تحليفه بالله ما أنا شفيعها لأن إقرار الأب بالشفعة على ابنه لم يجز فلا يفيد التحليف ، وهذا من جملة الحيل في الخصومات ; ولو برهن الشفيع على الشراء كان الأب خصما لقيامه مقام الابن .




الخدمات العلمية