الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولو قال على ولدي ونسلي أبدا وكلما مات واحد منهم كان نصيبه لنسله فالغلة لجميع ولده ونسله حيهم وميتهم بالسوية ونصيب الميت لولده أيضا بالإرث عملا بالشرط ; ولو قال : وكل من مات منهم من غير نسل كان نصيبه لمن فرقه ولم يكن فوقه أحد ، أو سكت عنه يكون راجعا لأصل الغلة لا للفقراء ما دام نسله باقيا والنسل اسم للولد وولده أبدا - [ ص: 472 ] ولو أنثى ، والعقب للولد وولده من الذكور أي دون الإناث إلا أن يكون أزواجهن من ولد ولده الذكور وآله وجنسه وأهل بيته كل من يناسبه إلى أقصى أب له في الإسلام ، وهو الذي أدرك الإسلام أسلم أولا وقرابته وأرحامه وأنسابه كل من يناسبه إلى أقصى أب له في الإسلام من قبل أبويه سوى أبويه وولده لصلبه فإنهم لا يسمون قرابة اتفاقا ، وكذا من علا منهم أو سفل عندهما خلافا لمحمد فعدهم منها ، [ ص: 473 ] وإن قيده بفقرائهم يعتبر الفقر وقت وجود الغلة وهو المجوز لأخذ الزكاة ، فلو تأخر صرفها سنين لعارض فافتقر الغني واستغنى الفقير شارك المفتقر وقت القسمة الفقير وقت وجود الغلة ولأن الغلات إنما تملك حقيقة بالقبض وطرو الغنى والموت لا يبطل ما استحقه ، [ ص: 474 ] وأما من ولد منهم لدون نصف حول بعد مجيء الغلة فلا حظ له لعدم احتياجه فكان بمنزلة الغني ، وقيل : يستحق لأن الفقير من لا شيء له والحمل لا شيء له ، ولو قيده بصلحائهم أو بالأقرب فالأقرب - [ ص: 475 ] أو فالأحوج أو بمن جاوره منهم أو بمن سكن مصر تقيد الاستحقاق به عملا بشرطه ، وتمامه في الإسعاف . ومن أحوجه حوادث زمانه إلى ما خفي من مسائل الأوقاف فلينظر إلى كتاب [ الإسعاف المخصوص بأحكام الأوقاف ، الملخص من كتاب هلال والخصاف ] كذا في البرهان شرح مواهب الرحمن للشيخ إبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي الحنفي نزيل القاهرة بعد دمشق المتوفى في أوائل القرن العاشر سنة اثنين وعشرين وتسعمائة ، وهو أيضا صاحب الإسعاف ، والله أعلم . .

التالي السابق


( قوله : فالغلة لجميع ولده إلخ ) لأنه لم يرتب بين البطون ولم يفضل بين الذكور والإناث ( قوله : ونصيب الميت لولده أيضا ) أي ما أصاب الميت يأخذه ولده منضما إلى نصيبه لأنه استحقه من وجهين إسعاف ، وكذا يقال لو رتب بين البطون وشرط انتقال نصيب الميت لولده كما بسطه في الإسعاف ( قوله بالإرث ) الأولى حذفه والاقتصار على ما بعده لأنه ليس إرثا حقيقة ولذا لو كان ولد الميت ذكرا وأنثى استحقه سوية ، نعم هو شبيه بالإرث من حيث انتقال نصيب الأصل إلى فرعه .

مطلب مهم فيما لو شرط عود نصيب من مات عن ولد لأعلى طبقة ( قوله : ولو قال : إلخ ) أي في صورة الترتيب بين البطون طبقة بعد طبقة كما صوره الخصاف وتبعه في الإسعاف وقوله أو سكت معطوف على قوله لو قال : والحاصل أنه إذا رتب بين البطون لا يعطى الثاني ما لم ينقرض الأول إلا إذا شرط بعد ذلك أن من مات عن ولد فنصيبه لولده فيعطى لولده ، وإن كان من البطن الثاني فإن سكت عن بيان نصيبه لا يعطى لولده بل يرجع لأصل الغلة فيقسم على جميع المستحقين ، وكذا إذا بين نصيب من مات عن غير ولد بأن شرط عوده لأعلى طبقة أو لمن في درجته وطبقته أو لمن دونه اتبع شرطه ، فإن لم يوجد ما شرطه عاد نصيب ذلك الميت لأصل الغلة فبقي [ ص: 472 ] على الجميع لا على الفقراء لأنه شرط تقديم النسل عليهم فلا حق لهم ما بقي أحد من نسله ، وكذلك لو سكت عن نصيب من مات فإنه يرجع إلى أصل الغلة قلت : وبهذا ظهر لك أنه لو شرط عود نصيب من مات عن غير ولد إلى من في درجته الأقرب فالأقرب منهم كما هو الغالب في الأوقاف ولم يوجد في الدرجة أحد يرجع نصيبه إلى أصل الغلة لا إلى أعلى طبقة كما أفتى به كثيرون منهم الرملي ولا إلى الأقرب من أي طبقة كانت كما أفتى به آخرون منهم الرملي أيضا لأنه إنما اشترط الدرجة واشترط الأقرب من أهل الدرجة .

فإذا لم يوجد في الدرجة أحد لم يوجد شرطه فتلغو الأقربية أيضا ، وحيث لم يوجد الشرط يرجع نصيبه إلى أصل الغلة ، إذ لا فرق بين قوله لأعلى طبقة ، وقوله لمن في درجته ، فمن أفتى بخلاف ذلك فقد خالف ما نص عليه الخصاف وتبعه في الإسعاف ولم يستند أحد منهم إلى نقل يعارض ذلك ، فتعين الرجوع إلى المنصوص عليه كما أوضحت ذلك في تنقيح الحامدية بما لم أسبق إليه ، ثم بعد أيام من تحرير هذا المقام ورد علي السؤال من طرابلس الشام مضمونه أنه وجد في درجة المتوفى أولاد عم وفي الدرجة التي تحتها أولاد أخت وفيه فتاوى جماعة من أهل العصر تبعا لما في الخيرية بانتقال نصيب المتوفى إلى أولاد الأخت لأنهم أقرب نسبا وإن كانوا أنزل درجة ، وأفتيت بعوده لأولاد العم تبعا لما في الحامدية ، ولما نقله فيها عن البهنسي شارح المتلقى ولأن الواقف إنما اشترط عود النصيب للأقرب من أهل درجة المتوفى لا إلى مطلق أقرب ، وأوضحت ذلك غاية الإيضاح في رسالة سميتها غاية المطلب في شرط الواقف عود النصيب إلى أهل درجة المتوفى الأقرب فالأقرب وبينت فيها ما وقع في جواب الرملي من الأوهام ( قوله : ولو أنثى ) ذكر هلال روايتين في دخول أولاد البنات في النسل ، وكذا قاضي خان وصاحب المحيط ورجح كلا مرجحون كما يفيده كلام العلامة عبد البر . ا هـ . ط .

( قوله : والعقب للولد وولده من الذكور ) أي أبدا ما تناسلوا ، فكل من يرجع بنسبه إلى الواقف بالآباء فهو من عقبه ، وكل من كان أبوه من غير الذكور من ولد الواقف فليس من عقبه إسعاف .

مطلب في النسل والعقب والآل والجنس وأهل البيت والقرابة والأرحام والأنساب ( قوله : كل من يناسبه ) أي بآبائه إسعاف وهو مفاعلة من النسب : أي من يداخله في نسبه بمحض الآباء إلى أقصى أب في الإسلام وهو الذي أدرك الإسلام أسلم أو لم يسلم ، فكل من يناسبه إلى هذا الأب من الرجال والنساء والصبيان فهو من أهل بيته كما في الإسعاف وكذا من آله وجنسه ، والمراد من كان موجودا منهم حال الوقف أو حدث بعد ذلك لأقل من ستة أشهر من مجيء الغلة كما في الفتح ، وقيل : يشترط إسلام الأب الأعلى ، ففي العلوي أقصى أب له أدرك الإسلام هو أبو طالب ، فيدخل أولاده عقيل وجعفر وعلي ، أما على القول الآخر لا يدخل إلا أولاد علي لأنه أول أب أسلم كما في التتارخانية ( قوله : من قبل أبويه ) أي من جهة أي واحد منهما ( قوله : خلافا لمحمد فعدهم منها ) أي عد محمد من القرابة من علا من جهة أبويه ومن سفل من جهة ولده ، ويوهم هذا التعبير ضعفه مع أنه في الإسعاف قال : وهو ظاهر الرواية عنهما ، وروي عنهما أنهم لا يدخلون .

[ ص: 473 ] مطلب يعتبر في لفظ القرابة المحرمية والأقرب فالأقرب وقال : ويدخل فيه المحارم وغيرهم من أولاد الإناث وإن بعدوا عندهما وعند أبي حنيفة تعتبر المحرمية والأقرب فالأقرب للاستحقاق ا هـ قلت : وقول الإمام هو الصحيح كما في القهستاني وغيره ، وعليه المتون في كتاب الوصايا ، ومحل الخلاف إذا لم يقل الأقرب فالأقرب لأنهم قالوا : لو قال : على أقاربي أو أقربائي أو أرحامي أو أنسابي لا يكون لأقل من اثنين عند أبي حنيفة ، وعندهما يطلق على الواحد أيضا . قال : في شرح درر البحار وشرح المجمع الملكي عن الحقائق إذا ذكر مع هذه الألفاظ الأقرب فالأقرب لا يعتبر الجمع اتفاقا لأن الأقرب اسم فرد خرج تفسيرا للأول ويدخل فيه المحرم وغيره ، ولكن يقدم الأقرب لصريح شرطه ا هـ ونحوه في الذخيرة ( قوله : وإن قيده بفقرائهم ) أما لو قال : من افتقر منهم ، قال محمد : تكون لمن كان غنيا منهم ثم افتقر ونفيا اشتراط تقدم الغنى ، ولو قال : من احتاج منهم فهي لكل من يكون محتاجا وقت وجود الغلة ، سواء كان غنيا ثم احتاج أو كان محتاجا من الأصل ومثله المسكين والفقير إسعاف .

( قوله : وهو المجوز لأخذ الزكاة ) أي الفقر هنا هو المجوز إلخ لكن ذكر في الإسعاف بعده أنه لو كان ولد غني تجب نفقته عليه لا يدخل في الوقف ، بل قدمنا في الفروع عند قوله ، لو وقف على فقراء قرابته أنه لا بد أن لا يكون له أحد تجب نفقته عليه لأنه بالإنفاق عليه يعد غنيا في باب الوقف ، وذكر في الإسعاف أن الأصل أن الصغير يعد غنيا بغنى أبويه وجديه فقط والرجل والمرأة بغنى فروعها وزوجها فقط وهذا مذهب أصحابنا قال الخصاف : والصواب عندي إعطاؤهم وإن كان تفرض نفقتهم على غيرهم ، ورده هلال وتمامه فيه ( قوله : فلو تأخر صرفها سنين إلخ ) لو وقف على أولاده فاستحقاق الغلة يعتبر يوم حدوث الغلة على قول عامة المشايخ لا يوم الوقف ، فالموجود منهم يوم الوقف والمولود بعده سواء إذا كان موجودا يوم حدوث الغلة ، وكذا لو وقف على فقراء قرابته ، فمن كان فقيرا يوم حدوث الغلة يعطى له ولو استغنى بعده أو كان غنيا قبله . ا هـ . وفي التتارخانية : المستحق للغلة من كان فقيرا يوم تجيء الغلة عند هلال وبه نأخذ . وفي الخانية وعليه الفتوى ثم ذكر بعده أن الخصاف يعتبر يوم القسمة لا يوم طلوع الغلة .

وقال : في الفتح : وفي وقف الخصاف لو اجتمعت عدة سنين بلا قسمة حتى استغنى قوم وافتقر آخرون ثم قسمت يعطى من كان فقيرا يوم القسمة ولا أنظر إلى من كان فقيرا يوم الغلة ثم استغنى ا هـ وبهذا ظهر لك أن قوله شارك المفتقر وقت القسمة إلخ لا يتمشى على قول هلال ولا على قول الخصاف لأنه يقتضي أن من كان غنيا وقت الغلة ثم افتقر وقت القسمة يستحق مع من كان غنيا وقت القسمة فقيرا وقت الغلة ، واستحقاق الأول ظاهر على قول الخصاف والثاني على قول هلال فالظاهر أن الصواب أن يقال : لا يشارك بلا النافية فيكون كل من المسألتين على قول هلال المفتى به ، ويدل عليه قوله فلو تأخر إلخ فإنه مفرع على قوله قبله يعتبر الفقر وقت وجود الغلة ( قوله : لأن الصلات إلخ ) بكسر الصاد جمع صلة ، وهو تعليل لما فهم من اختصاص الاستحقاق بمن كان فقيرا وقت وجود الغلة بناء على ما قلنا من أن الصواب لا يشارك بلا النافية وهذا مؤيد له أيضا وبيان التعليل حينئذ أن من كان فقيرا وقت الغلة في هذه السنين يستحق غلة كل سنة ولا يصير [ ص: 474 ] غنيا بما يستحقه لأنه صلة لا تملك إلا بالقبض ، فإذا جاء يوم القسمة وكان غنيا يأخذ ما استحقه في السنين الماضية بصفة الفقر لأن طرو الغنى لا يبطل ذلك ; كما لو مات بعد طلوع الغلة فإن نصيبه منها لا يبطل بالموت بل يصير ميراثا لورثته ( قوله : فلا حظ له ) أي من هذه الغلة التي خرجت وهو حمل في بطن أمه .

( قوله : لعدم احتياجه ) لأن الفقير هو المحتاج والحمل غير محتاج ، بخلاف الوقف على أولاده فإنه يدخل الحمل لتعلق الاستحقاق بالنسب وهنا بالفقر ( قوله : وقيل : يستحق ) هذا قول الخصاف ، والأول قول هلال . مطلب تفسير في الصالح ( قوله : ولو قيده بصلحائهم ) الصالح : من كان مستورا ولم يكن مهتوكا ، ولا صاحب ريبة ، وكان مستقيم الطريقة سليم الناحية كامن الأذى ، قليل الشر ، ليس بمعاقر للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال ، ولا قذافا للمحصنات ، ولا معروفا بالكذب فهذا هو الصلاح عندنا ، ومثله أهل العفاف والخير والفضل ، ومن كان أمره على خلاف ما ذكرنا فليس هو من أهل الصلاح ولا العفاف إسعاف .

مطلب المراد بالأقرب فالأقرب ( قوله : أو بالأقرب فالأقرب ) المراد بالأقرب أقرب الناس رحما لا الإرث والعصوبة كما في الخيرية وذكر في أنفع الوسائل أن أبا يوسف لم يعتبر لفظ أقرب في التقديم بل سوى بينه وبين الأبعد ، ثم قال : وبالجملة إنه ضعيف لأنه يلزم منه إلغاء صيغة أفعل بلا دليل وإلغاء مقصود الواقف من تقديم الأقرب . ا هـ . فالمعتمد اعتبار الأقربية وهو المشهور وبه أفتى في الخيرية ، لكن أفتى في موضع آخر بخلافه حيث شارك جميع أهل الدرجة في وقف اشترط فيه تقديم الأقرب من أهل الدرجة والظاهر أنه ذهول منه عن هذا الشرط وإلا فهو ضعيف كما علمت .

وفي الإسعاف : لو قال : على أقرب الناس مني أو إلي ثم على المساكين وله ولد وأبوان فهي للولد ولو أنثى لأنه أقرب إليه من أبويه ، ثم تكون للمساكين دون أبويه لأنه لم يقل للأقرب فالأقرب ولو له أبوان فهي بينهما نصفين ولو له أم وإخوة فللأم ، وكذا لو له أم وجدة لأب ، ولو له جد لأب وإخوة فللجد على قول من يجعله بمنزلة الأب وعلى القول الآخر للإخوة لأن من ارتكض معه في رحم أو خرج معه من صلب أقرب إليه ممن بينه وبينه حائل ولو له أب وابن ابن فللأب لأنه أقرب من النافلة ، ولو له بنت بنت وابن ابن ابن فلبنت البنت لأن الوقف ليس من قبيل الإرث ، ولو قال : على أقرب قرابة مني وله أبوان وولد لا يدخل واحد منهم في الوقف إذ لا يقال لهم قرابة ; ولو قال : على أقاربي على أن يبدأ بأقربهم إلي نسبا أو رحما ثم من يليه وله أخوان أو أختان يبدأ بمن لأبويه ثم بمن لأب ; ولو كان أحدهما لأب والآخر لأم يبدأ بمن لأبيه عنده . وقالا : هما سواء ، والخال أو الخالة لأبوين أولى من العم لأم أو لأب كعكسه ، والعم أو العمة لأبوين مقدم على الخال أو الخالة عند أبي حنيفة ، وعلى القول الآخر هما سواء ; ومن لأب منهما أولى ممن لأم عنده ، وعندهما سواء ; وحكم الفروع إذا اجتمعوا متفرقين كحكم الأصول . وعندهما قرابته من جهة أبيه أو من جهة أمه سواء ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلطين ، ويقدم الأقرب فالأقرب منهم عملا بشرط الواقف ا هـ ملخصا وتمامه فيه .

[ ص: 475 ] تنبيه ] قد علم مما ذكرناه أن لفظ الأقرب لا يختص بالقرابة ما لم يقيد بها بأن يقول : الأقرب من قرابتي ، أما لو قال : على أقرب الناس مني يشمل القرابة وغيرها ولذا يدخل فيه الأبوان مع أنهما ليسا من القرابة ، وعلى هذا فلو قال : على أن من مات عن غير ولد عاد نصيبه إلى من في درجته يقدم الأقرب فالأقرب في ذلك ووجد في درجته أولاد عم وفي الدرجة التي تحتها ابن أخت ، يصرف إلى أولاد عمه دون ابن أخته ، خلافا لما أفتى به في الخيرية حيث صرفه لابن الأخت لكونها أقرب وكون أولاد العم ليسوا رحما محرما ، ولا يخفى أنه خطأ لأن الأقرب لا يخص الرحم المحرم لأنه أعم من القرابة كما علمت وانظر ما قدمناه قبل ورقة عن الحقائق يظهر لك الحق ( قوله : أو فالأحوج ) قال : الحسن في رجل أوصى بثلثه للأحوج فالأحوج من قرابته وكان فيهم من يملك مائة درهم مثلا ، ومن يملك أقل منها يعطى ذو الأقل إلى أن يصير معه مائة درهم ثم يقسم الباقي بينهم جميعا بالسوية . قال الخصاف : والوقف عندي بمنزلة الوصية إسعاف ( قوله : أو بمن جاوره ) لو قال : على فقراء جيراني فهي عنده للفقير الملاصقة داره لداره الساكن هو فيها لتخصيصه الجار بالملاصق فيما لو أوصى لجيرانه بثلث ماله والوقف مثلها وبه قال زفر ، ويكون لجميع السكان في الدور الملاصقة له الأحرار والعبيد والذكور والإناث والمسلمون وأهل الذمة سواء ، وبعد الأبواب وقربها سواء ، ولا يعطي القيم بعضا دون بعض بل يقسمها على عدد رءوسهم .

وعندهما تكون للجيران الذين يجمعهم محلة واحدة ، وتمام الكلام على ذلك في الإسعاف ( قوله : ومن أحوجه حوادث زمانه ) من هنا إلى كتاب البيوع ساقط من بعض النسخ والظاهر سقوطه من نسخة الأصل خصوصا المسائل الآتية فإنها لا ارتباط لها بكتاب الوقف . والظاهر أن الشارح لما انتهى إلى هنا بقي معه بياض ورق هو آخر الجزء فكتب فيه هذه المسائل لا على أنها من الكتاب فألحقها الناسخ به ، ويدل على ذلك أن الشارح في كتاب الدعوى ذكر عدة مسائل التي لا يحلف فيها المنكر ، ثم قال : ولولا خشية التطويل لسردتها ، وذكر نحوه قبل كتاب الدعوى ، وإلا كان الأولى أن يقول : قدمتها في محل كذا لكن قوله في الآخر فاغتنم هذا المقام فإنه من جواهر هذا الكتاب يقتضي أن مراده جعلها منه إلا أن تكون هذه العبارة من جملة ما نقله عن زواهر الجواهر لا من كلامه ، والله - سبحانه - أعلم .




الخدمات العلمية