الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) هذا الخلاف ( تظهر ثمرته في ) عشر مسائل جمعها العيني في قوله : اسحق عزك فخم . الألف من الأمة لو اشتراها بخيار وهي زوجته بقي النكاح والسين من الاستبراء فحيضها في المدة لا يعتبر استبراء .

والحاء من المحرم ، فلا يعتق محرمه

والقاف من القربان لمنكوحته المشتراة ، فله ردها إلا إذا نقصها به . [ ص: 578 ]

والعين من الوديعة عند بائعه ، فتهلك على البائع لارتفاع القبض بالرد لعدم الملك والزاي من الزوجة المشتراة ، لو ولدت في المدة في يد البائع لم تصر أم ولد ; ولو في يد المشتري لزم العقد ; لأن الولادة عيب درر وابن كمال . وفي البحر عن الخانية إذا ولدت بطل خياره ، وإن كان الولد ميتا ولم تنقصها الولادة لا يبطل خياره وأقره المصنف .

والكاف من الكسب للعبد في المدة ، فهو للبائع بعد الفسخ .

والفاء من الفسخ لبيع الأمة ، فلا استبراء على البائع .

والخاء من الخمر ، فلو شراه ذمي من مثله بالخيار فأسلم أحدهما فهو للبائع عيني ، وتبعه المصنف ، لكن عبارة ابن الكمال : وأسلم المشتري . [ ص: 579 ]

والميم من المأذون ، لو أبرأه البائع من الثمن صح استحسانا وبقي خياره لأنه يلي عدم التملك ، كل ذلك عنده خلافا لهما .

قلت : وزيد على ذلك مسائل منها : التاء للتعليق كإن ملكته فهو حر فشراه بخيار لم يعتق

والتاء واستدامة السكنى بإجارة أو إعارة ليس باختيار .

والصاد ، وصيد شراه بخيار فأحرم بطل البيع والدال والزوائد الحادثة في المدة بعد الفسخ للبائع . [ ص: 580 ]

والراء والعصير في بيع مسلمين لو تخمر في المدة فسد خلافا لهما ، فينبغي أن يرمز لها لفظ تتصدر ويضم الرمز للرمز ، ولم أره لأحد فليحفظ .

التالي السابق


( قوله : وهذا الخلاف ) أي المذكور بين الإمام وصاحبيه في مسألة خيار المشتري ، وهو أن المبيع لا يدخل في ملك المشتري عنده ويدخل عندهما والتفريع في المسائل الآتية على قوله . ( قوله : بقي النكاح ) لأنه لم يملكها عنده ، وإذا سقط الخيار بطل : أي النكاح للتنافي أي بين ثبوت المتعة بملك اليمين وبالعقد . وعندهما انفسخ النكاح لدخولها في ملك الزوج فإذا فسخ المشتري البيع رجعت إلى مولاها بلا نكاح عليها عندهما . وعنده تستمر زوجته كما في الفتح . قال : في البحر : وعلى هذا لو اشترى زوجته فاسدا وقبضها يفسد النكاح ، ثم إذا فسخ البيع للفساد لا يرتفع فساد النكاح .

( قوله : لا يعتبر استبراء ) أي عنده وعندهما يعتبر ; ولو ردت بحكم الخيار إلى البائع لا يجب الاستبراء عنده . وعندهما يجب إذا ردت بعد القبض بحر وهي المسألة الآتية في رمز الفاء .

( قوله : فلا يعتق محرمه ) أي إذا اشترى قريبه المحرم لا يعتق عليه في مدة الخيار عنده حتى تنقضي المدة ولم يفسخ . وعندهما يعتق ; لأنه ملكه .

( قوله : فله ردها ) ; لأنه حيث لم يملكها عنده كان وطؤه لها في مدة الخيار بالنكاح لا بملك اليمين فلا يمتنع الرد ; لأنه لم يكن دليل الرضا بالبيع ، بخلاف وطء غير منكوحته كما سيأتي . وعندهما يمتنع ; لأن الوطء حصل في الملك وقد بطل النكاح فكان دليل الرضا . ( قوله : إلا إذا نقصها ) أي الوطء ولو ثيبا فيمتنع الرد نهر وفتح ، ومقتضاه أن دواعي الوطء ليست كالوطء لعدم التنقيص بها فلا يجري فيها الخلاف المذكور ، بخلافها في غير المنكوحة فإن دواعيه مثله فتكون دليل الرضا بالبيع فيمتنع الرد اتفاقا كما سيأتي . وعلى هذا فيشكل ما في شرح منلا مسكين من أنه يمتنع الرد عند الإمام لو قبلها أو مسها أو مسته بشهوة ; وكذا لو وطئها غير الزوج [ ص: 578 ] في يده . ا هـ . ووجه الأخير ظاهر ; لأن وطء غيره موجب للعقر وهو زيادة منفصلة متولدة من المبيع بعد القبض فتمنع الرد كما مر ، ويأتي .

[ تنبيه ] قال : في البحر : ولم أر حكم حل وطء المبيعة بخيار ، أما إذا كان الخيار للبائع فينبغي حله له لا للمشتري وإن كان للمشتري ينبغي أن لا يحل لهما ، نقله في المعراج عن الشافعي . ا هـ . ولا يخفى أن هذا في غير منكوحته . ثم اعلم أن هذه المسألة غير مكررة مع الأولى المرموز لها بالألف وإن كان موضوعهما بشراء الأمة المنكوحة ; لأن المقصود من الأولى أن شراءها لا يبطل نكاحها ، ومن هذه أن وطء زوجها لا يمنعه من ردها كما نبه عليه ط وهو ظاهر .

( قوله : من الوديعة عند بائعه إلخ ) أي إذا قبض المشتري المبيع بإذن البائع ثم أودعه عند البائع فهلك في يده في تلك المدة هلك من مال البائع عنده لارتفاع القبض بالرد لعدم الملك . وعندهما من مال المشتري لصحة الإيداع باعتبار قيام الملك ، وتمامه في البحر . ( قوله : لعدم الملك ) علة للعلة .

( قوله : لو ولدت ) أي بالنكاح بحر . ( قوله : لم تصر أم ولد ) أي للمشتري لعدم الملك خلافا لهما بحر . ( قوله : لزم العقد إلخ ) أي اتفاقا ، وتصير أم ولد للمشتري إذا ادعاه بحر عن ابن كمال ; لأن تعيب المبيع في مدة الخيار بعد قبضه له مبطل لخياره . ( قوله : إذا ولدت إلخ ) أي في يد المشتري فيوافق ما قبله ط . ( قوله : ولم تنقصها الولادة ) مقتضاه أن الولادة قد لا تكون نقصانا وهو خلاف الإطلاق السابق ، ويؤيد السابق ما في البزازية : اشتراها وقبضها ثم ظهر ولادتها عند البائع لا من البائع وهو لا يعلم ; في رواية : المضاربة عيب مطلقا ; لأن التكسر الحاصل بالولادة لا يزول أبدا وعليه الفتوى . وفي رواية إن نقصتها الولادة عيب ، وفي البهائم ليست بعيب إلا أن توجب نقصانا وعليه الفتوى . ا هـ . وسيذكر الشارح في خيار العيب عن البزازية خلاف ما نقلناه عنها وهو تحريف كما سنوضحه هناك .

( قوله : فهو للبائع بعد الفسخ ) لأنه عنده لم يحدث على ملك المشتري وعندهما للمشتري لحدوثه على ملكه بحر . قال : ط : وأما إذا لم يفسخ فالزوائد تبع للمبيع كما سلف .

( قوله : فلا استبراء على البائع ) لأنه إنما يجب بتجديد الملك ولم يوجد حيث لم تدخل في ملك غيره فكأنه لم يزل ملك البائع ابن كمال .

( قوله : لكن عبارة ابن الكمال وأسلم المشتري ) وكذا في الفتح وغيره فيكون هو المراد من لفظ أحدهما . في عبارة العيني ; لأنه لو أسلم البائع لا تظهر فيه ثمرة الخلاف لبقاء الخيار إجماعا كما في الزيلعي ، حيث قال : لو اشترى ذمي من ذمي خمرا على أنه : - أي المشتري - بالخيار ثم أسلم المشتري في مدة الخيار بطل الخيار عندهما ; لأنه ملكها فلا يملك تمليكها بالرد وهو مسلم . وعنده يبطل البيع ; لأنه لم يملكها فلا يملك تملكها بإسقاط الخيار وهو مسلم .

ولو أسلم البائع والخيار للمشتري بقي على خياره بالإجماع ; ولو ردها المشتري عادت إلى ملك البائع ; لأن العقد من جانب البائع بات ، فإن أجازه صار له ، وإن فسخ صار الخمر للبائع [ ص: 579 ] والمسلم من أهل أن يتملك الخمر حكما كما في الإرث ، ولو كان الخيار للبائع فأسلم هو بطل البيع لأن البيع لم يخرج عن ملكه والمسلم لا يقدر أن يملك الخمر ; ولو أسلم المشتري لا يبطل العقد والبائع على خياره ; لأن العقد من جهة المشتري بات ، فإن أجاز العقد صار له ; لأن المسلم من أهل أن يملك الخمر حكما ، وإن فسخه كان للبائع ، وهذا كله فيما إذا أسلم أحدهم بعد القبض ، والخيار لأحدهما لو قبل القبض بطل البيع في الصور كلها سواء كان البيع باتا أو بخيار لأحدهما أو لهما لأن للقبض شبها بالعقد من حيث إنه يفيد ملك التصرف فلا يملكه بعد الإسلام ا هـ ملخصا .

( قوله : من المأذون إلخ ) أي إذا اشترى عبد مأذون شيئا بالخيار وأبرأه بائعه عن ثمنه في مدة الخيار بقي خياره لأنه لما لم يملكه كان رده في المدة امتناعا عن التملك وللمأذون ولاية ذلك ، فإذا وهب له شيء فله ولاية أن لا يقبله درر . وعندهما يبطل خياره لأنه لما ملكه كان الرد منه تمليكا بغير عوض وهو ليس من أهله وهذا يقتضي صحة الإبراء وقدمنا أنه لا يصح عند أبي يوسف قياسا ويصح عند محمد استحسانا بحر ( قوله : كل ذلك ) أي المذكور من أحكام المسائل العشر .

( قوله : لم يعتق ) لأنه عنده لم يملكه فلم يوجد الشرط . وعندهما وجد فيعتق لأنه ملكه وأما لو قال إن اشتريت بدل قوله إن ملكت فإنه يعتق اتفاقا لوجود الشرط وهو الشراء فيكون كالمنشئ للعتق بعده فيسقط الخيار فتح وبحر .

( قوله : واستدامة السكنى إلخ ) صورتها : اشترى دارا على أنه بالخيار وهو ساكنها بإجارة أو إعارة فاستدام سكناها ، قال خواهر زاده : استدامتها اختيار عندهما لملك العين وعنده ليس باختيار فتح ومثله خيار العيب وخيار الشرط في القسمة ولو ابتدأ السكنى بطل خياره ، وتمامه في البحر .

( قوله : فأحرم ) أي وهو في يده بطل البيع عنده ويرده إلى البائع ، وعندهما يلزم المشتري ولو كان الخيار للبائع ينتقض بالإجماع ولو كان للمشتري فأحرم المشتري له أن يرده بحر وعبارة الفتح ولو كان للمشتري : فأحرم البائع للمشتري أن يرده وهي الصواب .

( قوله : بعد الفسخ ) متعلق بما تعلق به قوله للبائع أي تثبت للبائع بعد الفسخ لأنها لم تحدث على ملك المشتري وعندهما للمشتري لأنها حدثت على ملكه كما في الفتح ثم لا يخفى أن الزوائد تعم المتصلة والمنفصلة متولدة أو غيرها وليس بصحيح هنا لما قدمناه عن التتارخانية من أن حدوثها عند المشتري يمنع الفسخ بالخيار إلا إذا كانت منفصلة غير متولدة كالكسب فهذه يتأتى فيها إجراء الخلاف لإمكان الفسخ فيها أما في بقية الصور الثلاث فلا بل هي للمشتري قطعا لحدوثها على ملكه حيث امتنع بها الفسخ ولزمه البيع ثم رأيت في جامع الفصولين ذكر مسائل الزيادة كما قدمنا من امتناع الفسخ في الكل إلا في صورة المنفصلة الغير المتولدة وأن الخلاف فيها فقط فإطلاق الزوائد هنا ليس مما ينبغي بل المراد بها الصورة المذكورة وهي مسألة الكسب التي رمز لها بالكاف ، فكان على الشارح إسقاط هذه لتكرارها مع إيهامها خلاف المراد [ ص: 580 ] كما ظنه من قال : إن الزوائد تعم المتصلة والمنفصلة فيستغنى بها عن الكاف المشار بها إلى الكسب ا هـ . فافهم .

( قوله : فسد ) أي البيع عنده لعجزه عن تملكه بإسقاط خياره ، ويتم عندهما لعجزه عن رده بفسخه فتح . ( قوله : خلافا لهما ) راجع للمسائل الخمس المزيدة فافهم . ( قوله : ويضم الرمز للرمز ) كذا في بعض النسخ : أي يضم الرمز المزيد بلفظ تتصدر للرمز السابق ، وفي بعض النسخ ويضم لرمز الرمز بجر الأول باللام والثاني بالإضافة ، وهذه النسخة ألطف وعليها ففي " يضم " ضمير يعود للرمز المزيد ، ويكون المراد بالرمز المجرور باللام الرمز السابق عن العيني ، وبالرمز المجرور بالإضافة شرح الكنز للعيني فإن اسمه الرمز . وفي ط : فيصير المعنى اسحق عزك : أي امحقه بتواضعك وعظم الله - تعالى - في قلبك ، فامتثل أمره ونهيه ، وعظم الناس بإنزالهم منزلتهم تصير صدرا أي مقدما ومقربا عند الله - تعالى - وعند الناس . ( قوله : ولم أره لأحد ) أي لم ير الرمز ب تتصدر وإلا فالمسائل في المنح البحر ط




الخدمات العلمية