الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو شهدوا بالزنا و ) لكن ( هم عميان أو محدودون في قذف أو ثلاثة أو أحدهم محدود أو عبد أو وجد أحدهم كذلك بعد إقامة الحد حدوا ) للقذف إن طلبه المقذوف ( وأرش جلده ) وإن مات منه ( هدر ) [ ص: 34 ] خلافا لها ( ودية رجمه في بيت المال اتفاقا ) ويحد من رجع من الأربعة ( بعد الرجم فقط ) لانقلاب شهادته بالرجوع قذفا ( وغرم ربع الدية و ) إن رجع ( قبله ) أي الرجم ( حدوا ) للقذف ( ولا رجم ) لأن الإمضاء من القضاء في باب الحدود .

التالي السابق


( قوله عميان ) أي أو عبيد أو صبيان أو مجانين أو كفار نهر ( قوله حدوا للقذف ) أي دون المشهود عليه لعدم أهلية الشهادة فيهم أو عدم النصاب فلا يثبت الزنا ( قوله وأرش جلده ) أي إذا كان جرحه الجلد كما في الهداية ( قوله خلافا لهما ) حيث قالا إن الأرش في بيت المال ; لأنه ينتقل فعل الجلاد للقاضي وهو عامل للمسلمين فتجب الغرامة [ ص: 34 ] في مالهم .

وله أن الفعل الجارح لا ينتقل للقاضي ; لأنه لم يأمر به فيقتصر على الجلاد إلا أنه لا يجب عليه الضمان في الصحيح كي لا يمتنع الناس عن الإقامة مخافة الغرامة ابن كمال . وعلى هذا الخلاف إذا رجع الشهود لا يضمنون عنده . وعندهما يضمنون ، وتمامه في الهداية والنهر . وفي العزمية عن بعض شروح الهداية : ومعرفة الأرش أن يقوم المحدود عبدا سليما من هذا الأثر فينظر ما ينقص به القيمة ينقص من الدية بمثله . ا هـ .

قلت : لكن قوله ينقص من الدية بمثله لا محل له ، بل الظاهر أن يقال فينظر ما ينقص به القيمة يؤخذ من الشهود . وبيانه أنه لو فرض أن قيمته سليما ألف وقيمته بهذه الجراحة تسعمائة تكون الجراحة نقصته مائة هي الأرش فيرجع على الشهود بها ( قوله فقط ) قيد لقوله يحد من رجع أي يحد الراجع فقط حد القذف دون الباقين لبقاء شهادتهم ( قوله وغرم ربع الدية ) ; لأن التالف بشهادته ربع الحق ، وكذا لو رجع الكل حدوا وغرموا الدية نهر ، وقول البحر وغرموا ربع الدية صوابه جميع الدية كما قاله الرملي ( قوله وإن رجع قبله ) أي الرجم سواء كان قبل القضاء أو بعده نهر ( قوله حدوا للقذف ) أي حد الشهود كلهم . أما إذا كان قبل القضاء فهو قول علمائنا الثلاثة ; لأنهم صاروا قذفة . وأما بعده فهو قولهما . وقال محمد : يحد الراجع فقط ; لأن الشهادة تأكدت بالقضاء فلا تنفسخ إلا في حق الراجع . ولهما أن الإمضاء من القضاء ، ولذا سقط الحد عن المشهود عليه نهر ( قوله ; لأن الإمضاء إلخ ) هذا التعليل فيما إذا كان الرجوع بعد القضاء واقتصر عليه لعدم الخلاف عند الثلاثة فيما قبله فافهم . ومعناه أن إمضاء الحد من تمام القضاء به . وثمرته تظهر أيضا فيما إذا اعترضت أسباب الجرح أو سقوط إحصان المقذوف أو عزل القاضي كما في المعراج




الخدمات العلمية