الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) لا بسرقة ( من زوجته ) وإن تزوجها بعد القضاء جوهرة ( وزوجها ولو كان ) المسروق ( من حرز خاص له ، و ) لا ( عبد من سيده أو عرسه أو زوج سيدته ) للإذن بالدخول عادة ( و ) لا ( من مكاتبه وختنه وصهره و ) من ( مغنم ) [ ص: 98 ] وإن لم يكن له حق فيه لأنه مباح الأصل فصار شبهة غاية بحثا ( وحمام ) في وقت جرت العادة بدخوله ، وكذا حوانيت التجار والحانات مجتبى ( وبيت أذن في دخوله ) ولو أذن لمخصوصين فدخل غيرهم وسرق ينبغي أن يقطع . واعلم أنه لا يعتبر الحرز بالحافظ مع وجود الحرز بالمكان لأنه قوي ، فلا يعتبر الحافظ في الحمام لأنه حرز ويعتبر في المسجد لأنه ليس بحرز به يفتي شمني .

التالي السابق


( قوله ولا بسرقة من زوجته ) أي ولو من وجه كالمبتوتة المعتدة في منزل على حدة ، ولو سرق بعد انقضاء العدة قطع كافي الحاكم ( قوله وإن تزوجها بعد القضاء ) بالقطع لوجود الشبهة قبل الإمضاء . وأفاد أنه لا فرق بين كونه زوجها وقت السرقة أو بعدها قبل القضاء بالقطع أو بعده ، وفي الأخير خلاف أبي يوسف ، ولو سرق أحدهما من الآخر فطلقها قبل الدخول لم يقطع أيضا كما في النهر ( قوله من حرز خاص له ) يعني بأن كان خارج مسكنهما صرح به في الهداية والبحر شرنبلالية فالضمير في له عائد على المسروق لا على السارق فافهم ( قوله أو عرسه ) أي زوجة سيده وشريكه مثلا . قال في البحر : والعبد في هذا ملحق ، بمولاه حتى لا يقطع في سرقة لا يقطع فيها المولى كالسرقة من أقارب المولى وغيرهم ; لأنه مأذون بالدخول عادة في بيت هؤلاء لإقامة المصالح ( قوله ولا من مكاتبه ) ; لأن له حقا في أكسابه نهر ( قوله وختنه وصهره ) ختنه : زوج كل ذي رحم محرم منه وصهره : كل ذي رحم محرم من امرأته ، وهذا عند الإمام .

وقالا : يقطع لعدم الشبهة في ملك البعض ; لأنها تكون بالقرابة وهي منتفية . وله أن العادة جارية في دخول بعضهم منازل البعض بلا استئذان فتمكنت الشبهة في الحرز ، وتأخير الزيلعي لدليله مؤذن بترجيحه نهر . وفي كافي الحاكم : ولا يقطع السارق من امرأة أبيه وزوج ابنته وابن امرأته وأبويها استحسانا ( قوله ومغنم إلخ ) علله في الهداية بقوله ; لأن له فيه نصيبا ، وذكر أن ذلك مأثور عن علي رضي الله عنه حكما وتعليلا ، هو أنه أتي برجل سرق من المغنم فقال له فيه نصيب وهو خائن فلم يقطعه وكان قد سرق مغفرا ، رواه عبد الرزاق والدارقطني ، وهذا ظاهر في أن الكلام فيمن له فيه استحقاق ، وبه صرح في الفتح ، لكن في النهر قال في الحواشي السعدية : وهذا التعليل يدل على أنه لو لم يكن له فيه نصيب يقطع لكن الرواية مطلقة في مختصر القدوري وشرح الطحاوي فلا بد من تعليل آخر . ا هـ . وفي غاية البيان ينبغي أن يكون المراد من السارق من له نصيب فيه ، أما من لا نصيب له فيقطع ، اللهم إلا أن يقال إنه مباح الأصل وهو على صورته لم يتغير فصار شبهة .

وفي كلام المصنف يعني صاحب الكنز ما يومئ إلى اعتبار الإطلاق حيث قدم أنه لا قطع في المال المشترك ، وإذا كان له حق فيه كان من المشترك فذكره هنا ليس إلا لإفادة التعميم . ا هـ . قلت : ما ذكر من إطلاق الرواية قد يدعى أنه يخصصه التعليل المأثور الذي جعلوه دليل الحكم وإلا لزم إثبات [ ص: 98 ] حكم بلا دليل ، وما ذكره في غاية البيان من أنه مباح الأصل فيه نظر ; لأن مباح الأصل ما يكون تافها ، ويوجد مباحا في دار الإسلام كالصيد والحشيش كما مر ، والمغنم قد يكون من أعز الأموال . وأيضا حكم مباح الأصل أنه لا يقطع به وإن ملك وسرق من حرز والمغنم ليس كذلك قطعا نعم قال القهستاني بعد التعليل المأثور : ولا يخفى أن الآخذ إن كان من العسكر فالمغنم داخل في مال الشركة وإلا ففي مال العامة ا هـ وهذا في غاية الحسن ، فإن خمس المغنم لذوي الحاجة من العامة . ومن سرق من مال العامة لا يقطع ; لأنه يستحق منه عند الحاجة فأورث شبهة كما عللوا به كما قدمناه عن البحر ( قوله في وقت جرت العادة بدخوله ) فيقطع لو سرق ليلا ; لأن الإذن يختص بالنهار بحر وفيه إشارة إلى أنه لو اعتاد الناس دخوله في بعض الليل فهو كالنهار كما في المضمرات قهستاني ، وإلى أن ذلك إذا كان الباب مفتوحا .

ففي الحاوي الزاهدي : ولو سرق من حمام أو خان أو رباط أو حوانيت التجار وبابها مغلق يقطع وإن كان نهارا في الأصح . ا هـ . ( قوله وبيت أذن في دخوله ) فلا قطع بالسرقة منه في الوقت المأذون بالدخول فيه ط ( قوله ينبغي أن يقطع ) البحث لصاحب البحر وتبعه من بعده ط ( قوله ولا يعتبر الحرز بالحافظ إلخ ) فلو سرق شيئا من الحمام وصاحبه عنده أو المسروق تحته لا يقطع بخلاف المسجد . والفرق أن الحمام بني للإحراز فكان حرزا كالبيت فلا يعتبر الحافظ ، والمسجد لم يبن لإحراز الأموال فيعتبر الحافظ كالطريق والصحراء ، وتمامه في الزيلعي . وأفاد أن الحرز نوعان كما قدمناه عند قوله من حرز ( قوله به يفتى ) زاد في الفتح : وهو ظاهر المذهب ، ومقابله القول بأنه يقطع عنده لو سرق من الحمام في وقت الإذن إذا كان ثمة حافظ ، ولا يقطع عندهما




الخدمات العلمية