الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وينفق على عرسه وقريبه ولادا ) وهم أصوله وفروعه ( ولا يفرق بينه وبينها ولو بعد مضي أربع سنين ) خلافا لمالك [ ص: 296 ] ( وميت في حق غيره فلا يرث من غيره ) حتى لو مات رجل عن بنتين وابن مفقود وللمفقود بنتان وأبناء والتركة في يد البنتين والكل مقرون بفقد الابن واختصموا للقاضي لا ينبغي له أن يحرك المال عن موضعه : أي لا ينزعه من يد البنتين خزانة المفتين

التالي السابق


( قوله : وينفق ) أي الوكيل المنصوب نهر : أي ينفق من مال المفقود الحاصل في بيته والواصل من ثمن ما يتسارع إليه الفساد ومن مال مودوع عند مقر ودين على مقر ، وتمامه في الفتح والبحر ( قوله : ولادا ) نصب على التمييز نهر ( قوله : وهم أصوله وفروعه ) أعاد الضمير بالجمع على القريب ; لأنه يصدق على الواحد والأكثر ، والمراد الأصول وإن علوا والفروع وإن سفلوا ولم يشترط الفقر في الأصول استغناء بما مر في النفقات ; وإنما ينفق عليهم ; لأن وجوب النفقة لهم ولا يتوقف على القضاء فكان إعانة لهم ، بخلاف غير الولاد من الأخ ونحوه فإن وجوبها يتوقف عليه ، فكان قضاء على الغائب وهو لا يجوز ، وهذا الإطلاق مقيد بالدراهم والدنانير والتبر ; لأن حقهم في المطعوم والملبوس ، فإن لم يكن ذلك في ماله احتيج إلى القضاء بالقيمة وهي النقدان ، وقد علمت أنه على الغائب لا يجوز إلا في الأب فإن له بيع العرض لنفقته استحسانا كما في المبسوط ، وقدم المصنف في النفقات أن لهؤلاء أخذ النفقة من مودعه ومديونه المقرين بالنكاح والنسب إذا لم يكونا ظاهرين عند القاضي ، فإن ظهرا لم يشترط أو أحدهما اشترط الإقرار بما خفي هو الصحيح ، فإن أنكر الوديعة والدين لم ينتصب أحد من هؤلاء خصما فيه والمسألة بفروعها مرت نهر : أي مرت في النفقات . مطلب في الإفتاء بمذهب مالك في زوجة المفقود

( قوله : خلافا لمالك ) فإن عنده تعتد زوجة المفقود عدة الوفاة بعد مضي أربع سنين ، وهو مذهب الشافعي القديم وأما الميراث فمذهبهما كمذهبنا في التقدير بتسعين سنة ، أو الرجوع إلى رأي الحاكم . وعند أحمد إن كان يغلب على حاله الهلاك كمن فقد بين الصفين أو في مركب قد انكسر أو خرج لحاجة قريبة فلم يرجع ولم يعلم خبره فهذا بعد أربع سنين يقسم ماله وتعتد زوجته ، بخلاف ما إذا لم يغلب عليه الهلاك كالمسافر لتجارة أو لسياحة فإنه يفوض للحاكم في رواية عنه ، وفي أخرى يقدر بتسعين من مولده كما في شرح ابن الشحنة ، لكنه اعترض على الناظم بأنه لا حاجة للحنفي إلى ذلك أي ; لأن ذلك خلاف مذهبنا فحذفه أولى . وقال في الدر المنتقى : ليس بأولى ، لقول القهستاني : لو أفتى به في موضع الضرورة لا بأس به على ما أظن ا هـ [ ص: 296 ] قلت : ونظير هذه المسألة عدة ممتدة الطهر التي بلغت برؤية الدم ثلاثة أيام ثم امتد طهرها فإنها تبقى في العدة إلى أن تحيض ثلاث حيض . وعند مالك تنقضي عدتها بتسعة أشهر . وقد قال في البزازية : الفتوى في زماننا على قول مالك . وقال الزاهدي كان بعض أصحابنا يفتون به للضرورة . واعترضه في النهر وغيره بأنه لا داعي إلى الإفتاء بمذهب الغير لإمكان الترافع إلى مالكي يحكم بمذهبه ، وعلى ذلك مشى ابن وهبان في منظومته هناك ، لكن قدمنا أن الكلام عند تحقق الضرورة حيث لم يوجد مالكي يحكم به ( قوله : وميت في حق غيره ) معطوف على قوله وهو في حق نفسه حي كما مر ( قوله : وللمفقود بنتان وأبناء ) الظاهر أنه بالمد جمع ابن ، إذ لا يصح أن يكون مفردا منصوبا . وفي بعض النسخ وابنان بصيغة المثنى ، وفي بعضها وابن بصيغة المفرد والكل صحيح ( قوله : والتركة في يد البنتين ) أي بنتي الرجل الميت . واعلم أن في هذه المسألة ست صور والمذكور هنا صورة واحدة منها .

وحاصل الصور أن المال ، إما أن يكون في يد أجنبي أو في يد البنتين أو في يد أولاد الابن ، وعلى كل إما أن يتفقوا على الفقد أو ينكره من في يده المال ويدعي أنه مات ، وأحكام الكل مبينة في الفتح فراجعه إن شئت ( قوله : أي لا ينزعه من يد البنتين ) بل يقضي لهما بالنصف ميراثا ويوقف النصف في أيديهما على حكم ملك الميت ، فإن ظهر المفقود حيا دفع إليه ، وإن ظهر ميتا أعطي البنتان سدس كل المال من ذلك النصف والثلث الباقي لأولاد الابن للذكر مثل حظ الأنثيين فتح




الخدمات العلمية