الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( مكاتب أو مأذون نكح أمة زعمت أنها حرة بإذن مولاه ) متعلق بنكح ( فولدت منه ثم استحقت فالولد رقيق ) فليس له أخذه بالقيمة خلافا لمحمد لأنه ولد المغرور ، وخصا المغرور بالحر بإجماع الصحابة ، [ ص: 106 ] واستشكله الزيلعي .

التالي السابق


( قوله خلافا لمحمد ) حيث قال هو حر بالقيمة يعطيها للمستحق في الحال إن كان التزوج بإذن المولى وإلا فبعد العتق ثم يرجع هو بما ضمن من قيمة الولد على الأمة المستحقة بعد العتق إن كانت هي الغارة ، وكذا إذا غره عبد مأذون أو غير مأذون له في التجارة أو مكاتب رجع عليه بعد العتق لأنه ليس من باب التجارة فلا ينفذ في حق مولى الغار ، وإن غره حر رجع عليه في الحال ، وكذا حكم المهر فإن المستحق يرجع عليه في الحال إذا كان التزويج بإذن مولاه وإلا فبعد الحرية ، وليس له هو أن يرجع على أحد بالمهر على ما عرف في موضعه ، وحكم الغرور يثبت بالتزويج دون الإخبار بأنها حرة زيلعي ( قوله لأنه ولد المغرور ) دليل قول محمد فهو علة لمحذوف : أي فإنه قال هو حر بالقيمة لأنه ولد المغرور دفعا للضرر عنه كالحر ( قوله وخصا المغرور إلخ ) قال الزيلعي : ولهما أنه مولود بين رقيقين فيكون رقيقا إذ الولد يتبع الأم في الرق والحرية ، وتركنا هذا في الحر بإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، والعبد ليس في معنى الحر لأن حق المولى وهو المستحق في الحر مجبور بقيمة واجبة في الحال ، وفي العبد بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتق فتعذر الإلحاق لعدم المساواة هكذا ذكروا هنا ا هـ . [ ص: 106 ] وحاصله أن المغرور خاص بالحر ، ولا يمكن قياس الرقيق عليه لأنه لا مساواة بينهما فإنه لا يطالب بالقيمة حالا كالحر فيلزم ضرر المستحق

( قوله واستشكله الزيلعي ) حيث قال : وهذا مشكل جدا ، فإن دين العبد إذا لزمه بسبب أذن فيه المولى يظهر في حق المولى ويطالب به للحال ; والموضوع هنا مفروض فيما إذا كان بإذن المولى وإنما يستقيم هذا إذا كان التزوج بغير إذن المولى لأنه لا يظهر الدين فيه في حق المولى فلا يلزمه المهر ولا قيمة الولد في الحال ، وتشهد المسألة التي تلي هذه المسألة بهذا المعنى . وهو في الحقيقة استشكال لقوله في الاستدلال بتأخر المطالبة إلى ما بعد العتق مع إذن المولى بالنكاح لا لتخصيصهما المغرور بالحر كما يوهمه كلام الشارح . وأجاب بعضهم بأن إذن المولى هنا ليس سببا لحرية الولد أو رقبته وإنما سببها حرية الأم أو شرط كون الولد حرا في الزوج الحر فلم يظهر في حقه فلم يطالب به في الحال . ونقل ط عن الرازي نحوه ، وعن الواني أن الإذن بالشيء إنما يكون إذنا بما يتعلق به إذا كان من لوازمه والوطء ليس كذلك ا هـ فتأمل . وأجاب الطوري بأن المكاتب والمأذون أعطيناهما حكم الأحرار ولم يتضمن ما أذن فيه المولى النكاح وتوقف صحته على الإذن للحل لا ليضمن ذلك المولى ، بخلاف مسألة البيع الآتية لأن الإذن فيها تناول الفاسد فافترقا ا هـ . ولا يخفى ضعف الكل فتأمل .

هذا والمصرح به في المعراج والكفاية أنه على قول محمد لو نكح بإذن المولى لزم قيمة الولد والمهر في الحال وإلا فبعد العتق ، وقد مر أيضا . فاستشكال الزيلعي على ما ذكر في الاستدلال موافق للمنقول عن محمد ، فتأخر المطالبة المذكور في الاستدلال خاص بما إذا كان بلا إذن كما قيده به في الكفاية ، وبه يندفع الإشكال ، نعم يرد عليه أنه ليس فرض المسألة ولذا حذفه بعض الشراح واستغنى بالكلام الأول




الخدمات العلمية