الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) اعلم أن ( جناية الراهن على الرهن ) كلا أو بعضا ( مضمونة كجناية المرتهن عليه ويسقط من دينه ) أي دين المرتهن ( بقدرها ) أي الجناية لأنه أتلف ملك غيره فلزمه ضمانه وإذا لزمه وقد حل الدين سقط بقدره - [ ص: 517 ] ولزمه الباقي بالإتلاف لا بالرهن ، وهذا لو الدين من جنس الضمان وإلا لم يسقط منه شيء .

والجناية على المرتهن وللمرتهن أن يستوفي دينه ، لكن لو اعور عينه يسقط نصف دينه عنه قهستاني وبرجندي .

التالي السابق


( قوله كلا أو بعضا ) منصوبان على التمييز أي من جهة الكلية أو البعضية تأمل . ( قوله مضمونة إلخ ) لأن حق كل منهما محترم فيجب عليه ضمان ما أتلف على صاحبه وجعل المالك كالأجنبي في حق الضمان ، وتمامه في المنح ( قوله عليه ) أي على الرهن : أي المرهون ( قوله وإذا لزمه وقد حل الدين إلخ ) أفاد أنه إذا كان مؤجلا لا يحكم بالسقوط بمجرد اللزوم ، بل ما لزمه يحبس بالدين إلى حلول الأجل فإذا حل أخذه بدينه إن كان من جنسه وإلا فحتى يستوفي دينه شرنبلالية ، وقد قدمنا تمام الكلام عند قوله في هذا الباب ، وأما ضمانه على المرتهن ( قوله سقط بقدره ) أي سقط من الضمان بقدر الدين [ ص: 517 ] قوله ولزمه الباقي ) أي من الضمان إذا زاد الضمان على الدين ( قوله بالإتلاف ) لأن الزائد كان أمانة فهو كالوديعة إذا أتلفها المودع ( قوله لا بالرهن ) أي لا بعقده حتى يشكل عليه ضمان ذلك الزائد ( قوله من جنس الضمان ) بأن كان الدين دراهم أو دنانير كفاية . ( قوله والجناية على المرتهن إلخ ) معطوف على قوله لم يسقط .

وحاصله أن الدين لو مكيلا أو موزونا فالجناية واجبة على المرتهن والدين باق على الراهن فلكل منهما أخذ حقه من صاحبه . ( قوله لكن لو اعور عينه ) أقول : عبارة الخلاصة والبزازية : ولو اعور العبد الرهن إلخ .

وفي التتارخانية عن المحيط : رهن من آخر عبدا يساوي مائتين مثلا بمائة فاعور العبد قال أبو حنيفة وزفر : ذهب نصف المائة ، وهو قول أبي يوسف أولا ، ثم رجع وقال : يقوم العبد صحيحا وأعور فيذهب من الدين بحساب النقصان ا هـ ملخصا .

وبه ظهر أن اعور هنا مشدد الراء من الاعورار وما بعده فاعله وإسناده إلى العين لا يوجب تأنيثه لأنها ظاهر مجازي التأنيث فيجوز فيه الوجهان كما قرر في محله ، وليس من باب الأفعال متعديا والفاعل مستتر عائد على المرتهن وعينه مفعوله ، لأن الواجب حينئذ لزوم دية العين بالغة ما بلغت كما تفهمه عبارة المصنف لا سقوط نصف الدين .

وأيضا لو كان كذلك لما تأتى الخلاف السابق ، وحينئذ فلا وجه لذكر هذه المسألة في هذا المحل ولا للاستدراك بها على ما قبلها ، إذ ليست من الجناية على الرهن بل من تعيبه وليس الكلام فيه فافهم واغنم




الخدمات العلمية