الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن أكل الكلب ) ونحوه ( لا ) يؤكل مطلقا عندنا ( كأكله منه ) أي كما لا يؤكل الصيد الذي أكل الكلب منه ( بعد تركه ) للأكل ( ثلاث مرات ) لأنه علامة الجهل ( وكذا ) لا يأكل ( ما صاد بعده حتى يتعلم ) ثانيا بترك الأكل ثلاثا ( أو ) ما صاده ( قبله لو بقي في ملكه ) فإن ما أتلفه من الصيد لا تظهر فيه الحرمة اتفاقا لفوات المحل ، وفيه إشكال ذكره القهستاني [ ص: 468 ] ( كصقر فر من صاحبه فمكث حينا ثم رجع إليه فأرسله ) فصاد لم يؤكل لتركه ما صار به معلما فيكون كالكلب إذا أكل .

التالي السابق


( قوله مطلقا عندنا ) أي سواء كان نادرا أو معتادا وللشافعي قولان فيما إذا كان نادرا ; ففي قول يحرم ، وفي قول يحل وبه قال مالك وتمامه في المنح ( قوله بعد تركه للأكل ) اللام للتقوية وهي الداخلة على معمول عامل ضعف بالتأخير أو فرعيته عن غيره نحو - { لربهم يرهبون } - { فعال لما يريد } - ( قوله ثلاث مرات ) أي عندهما وبرأي الصائد عنده ط ( قوله ما صاد بعده ) أي بعد الأكل المذكور الذي هو بعد تركه له ثلاث مرات وكذا الضمير في قبله ( قوله لو بقي في ملكه ) قيد لقوله أو قبله ، وشمل ما لم يحرز بأن كان في المفازة بعد والحرمة فيه بالاتفاق أو أحرزه في بيته عند أبي حنيفة ، وعندهما لا يحرم ، وتمامه في الزيلعي . والحاصل أن الإمام حكم بجهل الكلب مستندا وهما بالاقتصار على ما أكل ، والأول أقرب إلى الاحتياط عناية وهو الصحيح قهستاني عن الزاد ( قوله فإن ما أتلفه ) أي بالأكل ونحوه ، وهذا مفهوم قوله لو بقي في ملكه . وفي التتارخانية : وأما ما باعه فلا شك أن على قولهما لا ينقض البيع ، فأما على قوله فينبغي أن ينقض إذا تصادق مع المشتري على جهل الكلب ( قوله وفيه إشكال ذكره القهستاني ) حيث قال : وهاهنا إشكال فإن الحكم بالشيء لا يقتضي الوجود ، ألا ترى أنا نحكم بحرية الأمة الميتة عند دعوى الولد حريتها ا هـ . وصورتها فيما ظهر لي أن امرأة ولدت بنكاح فادعى رجل بعد موتها أنها أمته زوجها من أبي الولد فأثبت الولد حريتها تثبت ويندفع عنه الرق تأمل . وعليه فلا يظهر ما أجاب به بعض الفضلاء من أن الحكم عليها بالحرية إنما سرى إليها بواسطة الولد لأنه الأصل في دعوى النسب فيعتق فتتبعه أم الولد ، وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا ا هـ ملخصا . [ ص: 468 ] نعم يظهر ذلك فيما لو ادعى المولى أنه ابنه من أمته الميتة تأمل . وقد يجاب عن الإشكال بأنه لا ثمرة يترتب على ثبوت الحرمة ، وما قيل الثمرة بطلان البيع لو باعه والرجوع بالثمن لأنه ميتة أو لزوم التوبة ، ففيه أن الكلام في الفائت بنحو الأكل ، ومسألة البيع خلافية كما مر ، وهذه وفاقية ولم يكن الأكل معصية قبل العلم بذلك حتى تلزم التوبة تأمل ( قوله كصقر فر من صاحبه ) بأن صار لا يجيب إذا دعاه كما يفيده التعليل ( قوله فيكون كالكلب إذا أكل ) فلا يحل صيده حتى يتعلم ثانيا بأن يجيب صاحبه ثلاث مرات على الولاء كما قدمناه عن التتارخانية




الخدمات العلمية