الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 53 ] ( والظئر ) بكسر فهمز : المرضعة ( بأجر معين ) لتعامل الناس ، بخلاف بقية الحيوانات لعدم التعارف ( و ) كذا ( بطعامها وكسوتها ) ولها الوسط ، وهذا عند الإمام لجريان العادة بالتوسعة على الظئر شفقة على الولد ( وللزوج أن يطأها ) خلافا لمالك ( لا في بيت المستأجر ) ; لأنه ملكه فلا يدخله ( إلا بإذنه ، و ) الزوج ( له في نكاح ظاهر ) أي معلوم بغير الإقرار ( فسخها مطلقا ) شانه إجارتها أو لا في الأصح ( ولو غير ظاهر ) بأن علم بإقرارهما ( لا ) يفسخها ; لأن قولهما لا يقبل في حق المستأجر ( وللمستأجر فسخها بحبلها ومرضها وفجورها ) فجورا بينا ونحو ذلك من الأعذار [ ص: 54 ] لا بكفرها ) ; لأنه لا يضر بالصبي ، ولو مات الصبي أو الظئر انتقضت الإجارة ولو مات أبوه لا ، وعليها غسل الصبي وثيابه وإصلاح طعامه ودهنه بفتح الدال : أي طليه بالدهن للعرف وهو معتبر فيما لا نص فيه ، ولا يلزمها ثمن شيء من ذلك ، وما ذكره محمد من أن الدهن والريحان عليها فعادة أهل الكوفة ( وهو ) أي ثمنه وأجرة عملها ( على أبيه ) إن لم يكن للصغير مال وإلا ففي ماله ; لأنه كالنفقة

التالي السابق


( قوله والظئر ) بالجر عطفا على الحمام . ( قوله بكسر فهمز ) أي همزة ساكنة ويجوز تخفيفها حموي . ( قوله المرضعة ) خبر لمبتدأ محذوف .

وفي القاموس : الظئر العاطفة على ولد غيرها المرضعة له في الناس وغيرهم للذكر والأنثى وجمعه أظؤر وأظآر وظئور وظئورة وظؤار وظؤرة ( قوله لتعامل الناس ) علة للجواز وهذا استحسان ; لأنها ترد على استهلاك العين وهو اللبن : ويشترط التوقيت إجماعا حموي عن المنصورية : والإطلاق مشير إلى أنه يجوز للمسلمة أن تؤجر نفسها لإرضاع ولد الكافر وبه صرح في الخانية : بخلاف ما إذا أجرت نفسها لخدمة الكافر فإنه لا يجوز ، قال في الأشباه : استأجر نصراني مسلما للخدمة لم يجز ، ولغيرها جاز إن وقت أبو السعود ( قوله بخلاف بقية الحيوانات ) أي بخلاف استئجارها للإرضاع : وفي التتارخانية : استأجر بقرة ليشرب اللبن أو كرما أو شجرا ليأكل ثمره أو أرضا ليرعى غنمه القصيل أو شاة ليجز صوفها فهو فاسد كله وعليه قيمة الثمرة والصوف والقصيل ; لأنه ملك الآجر وقد استوفاه بعقد فاسد ، بخلاف ما إذا استأجر أرضه ليرعى الكلأ . ( قوله وكذا بطعامها وكسوتها ) أشار إلى أنها مسألة مستقلة وأنهما عليها إن لم يشترطا على المستأجر بالعقد . ( قوله لجريان العادة إلخ ) جواب عن قولهما لا تجوز ; لأن الأجرة مجهولة .

ووجهه أن العادة لما جرت بالتوسعة على الظئر شفقة على الولد لم تكن الجهالة مفضية إلى النزاع ، والجهالة ليست بمانعة لذاتها بل لكونها مفضية إلى النزاع . ( قوله وللزوج أن يطأها ) أي وإن رضي بالإجارة فليس للمستأجر منعه مخافة الحبل ; لأنه ضرر موهوم والمنع من الوطء ضرر متحقق وليس للظئر أن تمنعه نفسها إتقاني . ( قوله شانه إجارتها أو لا ) أي سواء كانت الإجارة تشين الزوج : أي تعيبه بأن كان وجيها بين الناس أو لا ، لما أن له أن يمنعها من الخروج وأن يمنع الصبي الدخول عليها ولأن الإرضاع والسهر بالليل يضعفها ويذهب جمالها فكان له المنع كما يمنعها من الصيام تطوعا زيلعي . ( قوله وللمستأجر فسخها إلخ ) ; لأن لبن الحبلى والمريضة يضر بالصغير وهي يضرها أيضا الرضاع ، فكان لها ولهم الخيار ولها أيضا الفسخ بأذية أهله لها وكذا إذا لم تجر لها عادة بإرضاع ولد غيرها وكذا إذا عيروها به ; لأنها تتضرر به على ما قيل : تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها زيلعي ، وهذا إذا أمكن معالجته بالغذاء أو بأخذ لبن للغير وإلا فليس لها الفسخ وعليه الفتوى كما بسطه في التتارخانية . ( قوله وفجورها ) أي زناها ; لأنها تشتغل به عن حفظ الصبي . ( قوله ونحو ذلك ) كما إذا أرادوا سفرا وأبت الخروج معهم أو كانت بذية اللسان أو سارقة أو يتقيأ لبنها أو لا يأخذ ثديها ، وكذا كل ما يضر بالصبي لا محالة نحو الخروج من منزله زمانا كثيرا وما أشبهه فلهم أن يمنعوها عنه لا ما لا يضر ، وأما ما كان فيه وهم الضرر فليس لهم منعها عنه ، وليس عليها أن ترضعه [ ص: 54 ] في منزل الأب ما لم يكن عرف بين الناس أو يشترطوا ذلك عليها تتارخانية وغيرها . ( قوله لا بكفرها ) ; لأن كفرها في اعتقادها زيلعي .

قال ط : ويخالفه في الخانية إذا ظهرت الظئر كافرة أو مجنونة أو زانية أو حمقى فلهم فسخ الإجارة . ( قوله ولو مات أبوه لا ) أي لا تنتقض ; لأن الإجارة واقعة للصبي لا للأب سواء كان له مال أو لا ، ولهذا لو كان للصبي مال تجب الأجرة من ماله إذ هي كالنفقة زيلعي ( قوله وثيابه ) بالجر عطف على الصبي وأطلق في غسل الثياب .

وفي الكفاية : الصحيح أن غسل ثياب الصبي من البول ونحوه عليها ومن الوسخ والدرن لا يكون عليها حموي ، ومثله في شرح المجمع . ( قوله وإصلاح طعامه ) يريد به أن تصنع له الطعام ولا تأكل شيئا يفسد لبنها ويضر به تتارخانية عن المضمرات . ( قوله فعادة أهل الكوفة ) وقد قالوا في توابع العقود التي لا ذكر لها فيها : إنها تحمل على عادة كل بلد كالسلك على الخياط ، والدقيق الذي يصلح الحائك به الثوب على رب الثوب ، وإدخال الحنطة المنزل على المكاري ، بخلاف الصعود بها إلى الغرفة أو السطح ، والإكاف على رب الدابة ، والحبال والجوالق على ما تعارفوه بدائع ملخصا . ( قوله على أبيه ) قال في التتارخانية وفي الظهيرية : ولو لم يكن له مال حين استأجرها الأب ثم أصاب الصغير مالا ، قال سئل والدي عنها ، فقال : قيل : أجر ما مضى على الأب وما بقي في مال الصغير ا هـ .

وفيها إرضاع اليتيم على من تجب عليه نفقته ، فإن كان لا وارث له ففي بيت المال




الخدمات العلمية