الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وللمؤجر طلب الأجر للدار والأرض ) كل يوم ( وللدابة كل مرحلة ) إذا أطلقه ، ولو بين تعين وللخياطة ( ونحوها ) من الصنائع ( إذا فرغ وسلمه ) فهلكه قبل تسليمه يسقط الأجر ، [ ص: 15 ] وكذا كل من لعمله أثر ، وما لا أثر له كجمال له الأجر كما فرغ وإن لم يسلم بحر ( وإن ) وصلية ( عمل في بيت المستأجر نعم لو سرق ) بعد ما خاط بعضه أو انهدم ما بناه فله الأجر بحسابه على المذهب بحر وابن كمال ( ثوب خاطه الخياط بأجر ففتقه رجل قبل أن يقبضه رب الثوب فلا أجر له ) بل له تضمين الفاتق ( ولا يجبر على الإعادة ، وإن كان الخياط هو الفاتق فعليه الإعادة ) كأنه لم يعمل ، بخلاف فتق الأجنبي وهل للخياط أجر التفصيل بلا خياطة ؟ الأصح لا أشباه لكن حاشيتها معزيا للمضمرات ، المفتى به نعم .

وقال المصنف : ينبغي أن يحكم العرف ا هـ .

التالي السابق


( قوله للدار والأرض إلخ ) المراد كل ما تقع الإجارة فيه على المنفعة أو على قطع المسافة أو على العمل ( قوله ولو بين تعين ) أي لو بين وقت الاستحقاق في العقد تعين ، ولذا قال في العزمية هذا إذا لم تكن الأجرة معجلة أو مؤجلة أو منجمة وهذا قولهم جميعا على ما قرر في الخلاصة ا هـ فالمراد فيما ذكره المصنف ما إذا سكت عن البيان ( قوله إذا فرغ وسلمه ) اعلم أن أبا حنيفة كان أولا يقول لا يجب شيء من الأجرة ما لم يستوف جميع المنفعة والعمل ; لأنه المعقود عليه فلا يتوزع الأجر على الأجزاء كالثمن في المبيع ثم رجع فقال : إن وقعت الإجارة على المدة كما في إجارة الدار والأرض أو قطع المسافة كما في الدابة وجب بحصة ما استوفى لو له أجرة معلومة بلا مشقة ففي الدار لكل يوم وفي المسافة لكل مرحلة .

والقياس أن يجب في كل ساعة بحسابه تحقيقا للمساواة لكن فيه حرج ، وإن وقعت على العمل كالخياطة والقصارة فلا يجب الأجر ما لم يفرغ منه فيستحق الكل ; لأن العمل في البعض غير منتفع به ، وكذا إذا عمل في بيت المستأجر ولم يفرغ لا يستحق شيئا من الأجرة على ما ذكره صاحب الهداية والتجريد .

وذكر في المبسوط والفوائد الظهرية والذخيرة ومبسوط شيخ الإسلام وشرح الجامع لفخر الإسلام وقاضي خان والتمرتاشي أنه إذا خاط البعض في بيت المستأجر يجب الأجر بحسابه ، حتى إذا سرق الثوب بعد ما خاط بعضه استحق ذلك فهذا يدل على أنه يستحق الأجر ببعض العمل في كل ما مر لكن بشرط التسليم إلى المستأجر ، ففي سكنى الدار وقطع المسافة صار مسلما بمجرد تسليم الدار وقطع المسافة في الخياطة بالتسليم حقيقة أو حكما كأن خاطه في منزل المستأجر ; لأن منزله في يده زيلعي ملخصا .

وحاصله أنهم اتفقوا على قول أبي حنيفة إنه لا يجب الأجر على البعض بلا تسليم أصلا ، وأما مع التسليم فيجب الأجر على البعض في سكنى الدار وقطع المسافة .

واختلفوا على قوله في الاستئجار على العمل كالخياطة فالأكثرون على أنه يجب أيضا بالتسليم ، ولو حكما ، [ ص: 15 ] وخالفهم صاحبا الهداية والتجريد فقالا : لا يجب .

قال الزيلعي : وهو الأقرب إلى المروي عن أبي حنيفة من الفرق بينهما في القول المرجوع إليه ، وعلى ما ذكروه لا فرق بين الكل ا هـ ، وبه ظهر أن تقييد المصنف بالفراغ والتسليم مبني على ما في الهداية ، والتسليم يشمل الحقيقي والحكمي وهو ما عبر عنه بقوله وإن عمل في بيت المستأجر ، فلو قال ولو حكما لكان أخصر وأظهر ، ولا معنى لقول من قال لا معنى له فافهم . ( قوله وكذا كل من لعمله أثر ) أي في أنه لو هلك في يده لا أجر له وسيذكر الشارح بعد ورقة المراد بالأثر . ( قوله نعم لو سرق إلخ ) هذا مبني على قول الأكثرين من وجوب الأجر على بعض العمل بالتسليم ولو حكما ، وأراد به الاستدراك على المصنف بما ذكره في البحر ، حيث قال وتبعه العلامة الطوري وتلميذه المصنف في شرحه مسألة البناء منصوص عليها في الأصل أنه يجب الأجر بالبعض لكونه مسلما إلى المستأجر ، ونقله الكرخي عن أصحابنا ، وجزم به في غاية البيان رادا على الهداية فكان هو المذهب ، ولذا اختاره المصنف : أي صاحب الكنز في المستصفى وإن كانت عبارته هنا مطلقة ا هـ .

فلكلام الشارح وجه وجيه كما علمت وإن كان فيه خفاء فافهم ، لكن في كون ما في الهداية خلاف المذهب تأمل يظهر مما مر عن الزيلعي ، فلو جعله خلاف الأصح لكان أنسب تأمل . ( قوله بعد ما خاط بعضه ) يعني في بيت المستأجر ، فلو في بيت الأجير لا أجر له اتفاقا لعدم التسليم أصلا . ( قوله أو انهدم ما بناه ) أي قبل الفراغ منه



( قوله قبل أن يقبضه رب الثوب ) قد علمت أن العمل في بيت المستأجر تسليم . ( قوله فلا أجر له ) ; لأن الخياطة مما له أثر فلا أجر قبل التسليم كما في المبيع . ( قوله بل له ) أي للخياط ; لأنه بدل ما أتلفه عليه حتى سقطت أجرته بحر ( قوله تضمين الفاتق ) أي قيمة خياطته لا المسمى ، ; لأنه إنما لزم بالعقد ولا عقد بينه وبين الفاتق رحمتي ( قوله ولا يجبر إلخ ) ; لأنه التزم العمل ووفى به رحمتي . ( قوله كأنه لم يعمل ) فلم يوف ما التزمه من العمل فيجبر عليه ; لأن عقد الإجارة لازم رحمتي . ( قوله بخلاف فتق الأجنبي ) لا حاجة إليه



ط ( قوله الأصح لا ) كذا صححه في الخلاصة والبزازية ، وفرضوا المسألة بما إذا دفع إليه الثوب فقطعه ومات من غير خياطة وعللوها بأن الأجر في العادة للخياطة لا للقطع .

قلت : فلو بقي حيا لا تظهر الثمرة ; لأنه يجبر على الخياطة ، لكن لو تفاسخا العقد بعد القطع فالظاهر أن حكمه كالموت تأمل ، ويظهر من التعليل أنه لو دفعه للتفصيل فقط يلزمه أجره وهو ظاهر ; لأن العقد ورد عليه فقط ( قوله لكن في حاشيتها ) أي للشيخ شرف الدين الغزي حيث قال .

قلت : وفي فتاوى قاضي خان والظهيرية قطع الخياط الثوب ومات قبل الخياطة له أجر القطع هو الصحيح .

وفي جامع المضمرات والمشكلات عن الكبرى وعليه الفتوى .

وينبغي اعتماده لتأيده بأن الفتوى عليه ا هـ .




الخدمات العلمية