الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) الثاني ( شبهه وهو أن يقصد ضربه بغير ما ذكر ) أي بما لا يفرق الأجزاء ولو بحجر وخشب كبيرين عنده خلافا لغيره [ ص: 530 ] ( وموجبه الإثم والكفارة ودية مغلظة على العاقلة ) سيجيء تفسير ذلك ( لا القود ) لشبهه بالخطأ نظرا لآلته إلا أن يتكرر منه فللإمام قتله سياسة اختيار ( وهو ) أي شبه العمد ( فيما دون النفس ) من الأطراف ( عمد ) موجب للقصاص ، فليس فيما دون النفس شبه عمد

التالي السابق


( قوله والثاني شبهه ) بفتحتين أو بكسر فسكون : أي نظير العمد ويقال له شبه الخطأ ; لأن فيه معنى العمدية باعتبار قصد الفاعل إلى الضرب ، ومعنى الخطأ باعتبار عدم قصده إلى القتل إذ ليست الآلة آلة قتل ا هـ من الدرر والقهستاني . وزاد الأتقاني أنه يسمى خطأ العمد ( قوله كبيرين ) فلو صغيرين فهو شبه عمد اتفاقا ( قوله خلافا لغيره ) أي للإمامين والأئمة الثلاثة فإنه عمد عندهم لما مر من تعريفه عندهم . قال القهستاني : واعلم أن ما ذكره من أحكام الإثم والقود والكفارة كما لزم في العمد وشبهه عنده لزم عند هما إلا أن العمد عندهما ضربه قصدا بما يقتل غالبا وشبه العمد بما لا يقتل غالبا ، فلو غرق في الماء القليل ومات ليس بعمد ولا شبه عمد عندهم ، ولو ألقي في بئر أو من سطح أو جبل ولا يرجى منه النجاة كان شبه عمد [ ص: 530 ] عنده وعمدا عندهما ويفتى بقوله كما في التتمة ا هـ وتمام هذه المسائل يذكر في الفصل الآتي .

وفي المعراج عن المجتبى : يشترط عند أبي حنيفة أي في شبه العمد أن يقصد التأديب دون الإتلاف ( قوله وموجبه الإثم ) أي إثم القتل لتعمد الضرب ا هـ مكي عن البرهان والذي يفيده كلام الزيلعي أن عليه إثم الضرب لا القتل حيث قال أثم إثم الضرب ; لأنه قصده لا إثم القتل ; لأنه لم يقصده ، وهذه الكفارة تجب بالقتل وهو فيه مخطئ ولا تجب بالضرب ا هـ . ويدل على ذلك تعليل البرهان بقوله لتعمد الضرب فتعليله ينافي مدعاه ، ولو قيل بإناطة الإثم بالقصد ، فإن قصد القتل أثم إثمه ، وإن قصد الضرب أثم إثمه لكان له وجه ا هـ ط ( قوله ودية مغلظة ) أي من مائة إبل ، فلو قضى بالدية في غير الإبل لم تتغلظ قهستاني ، وتؤخذ أرباعا من بنت مخاض وبنت لبون وحقة وجذعة كما يأتي ( قوله على العاقلة ) أي الناصرة للقاتل قهستاني والأصل أن كل دية وجبت بالقتل ابتداء لا لمعنى يحدث من بعد فهي على العاقلة اعتبارا بالخطأ وتجب في ثلاث سنين هداية . واحترز بقوله ابتداء عن دية وجبت بالصلح في القتل العمد أو على الوالد بقتل ولده عمدا كفاية . والحاصل أن شبه العمد كالخطأ إلا في حق الإثم ، وصفة التغليظ في الدية زيلعي .

واعلم أن المال الواجب بالعمد المحض يجب في مال القاتل فيما دون النفس ، وفي النفس وفي الخطأ فيهما على العاقلة ، وفي شبه العمد لو نفسا على العاقلة ، وفيما دونها وإن بلغ الدية على القاتل ا هـ بزازية ( قوله سيجيء تفسير ذلك ) أي تفسير الكفارة والدية والمغلظ منها في كتاب الديات وتفسير العاقلة في كتاب المعاقل ( قوله إلا أن يتكرر منه ) ظاهره ولو مرتين ، ويدل عليه ما نذكره بعد في الفصل الآتي ( قوله فليس فيما دون النفس شبه عمد ) ; لأنه لا يختص بآلة دون آلة ، فلا يتصور فيه شبه العمد ، بخلاف النفس ، وتمامه في الزيلعي




الخدمات العلمية