الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وندبت بأقل منه ) ولو ( عند [ ص: 652 ] غنى ورثته أو استغنائهم بحصتهم كتركها ) أي كما ندب تركها ( بلا أحدهما ) أي غنى واستغناء لأنه حينئذ صلة وصدقة

التالي السابق


( قوله ولو عند غني ورثته إلخ ) أشار بزيادة لو الوصلية إلى أن الوصية بما دون الثلث عند عدم الغنى أو الاستغناء مستحبة أيضا ، وهو كذلك لما قال في الهداية ، ويستحب أن يوصى بدون الثلث ، سواء كانت الورثة أغنياء أو فقراء ، لأن في التنقيص صلة القريب بترك ماله عليهم ، بخلاف استكماله الثلث لأنه استيفاء تمام حقه فلا صلة ثم هل الوصية بأقل من الثلث أولى أم تركها ؟ قالوا وإن كانت الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى لما فيه من الصدقة ، على القريب ، وقد قال عليه الصلاة والسلام { أفضل [ ص: 652 ] الصدقة على ذي الرحم الكاشح } ; ولأن فيه رعاية حق الفقر والقرابة جميعا ، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم فالوصية أولى ، لأنه يكون صدقة على الأجنبي والترك هبة من القريب ، والأول أولى لأنه يبتغي بها وجه الله تعالى وقد قيل في هذا الوجه يخير لاشتمال كل على فضيلة وهو الصدقة أو الصلة ا هـ كلام الهداية . وحاصله : أنه لا تنبغي الوصية بتمام الثلث بل المستحب التنقيص عنه مطلقا لأنه عليه الصلاة والسلام قد استكثر الثلث بقوله { والثلث كثير } لكن التنقيص عند فقر الورثة وإن كان مستحبا إلا أن ثمة ما هو أولى منه ، وهو الترك أصلا فإن المستحب تتفاوت درجاته ، وكذا المسنون والمكروه وغيرهما ، وبهذا ظهر لك أن إتيان الشارح المحقق بلو الوصلية موافق للهداية فافهم هذا وفي القهستاني : إذا كان المال قليلا لا ينبغي أن يوصى على ما قال أبو حنيفة : وهذا إذا كان الأولاد كبارا فلو صغارا فالترك أفضل مطلقها على ما روي عن الشيخين كما في قاضي خان ا هـ . فالتفصيل إنما هو في الكبار أما الصغار فترك المال لهم أفضل ولو كانوا أغنياء .

[ تنبيه ] قال في الحاوي القدسي من لا وارث له ولا دين عليه فالأولى أن يوصي بجميع ماله بعد التصدق بيده ( قوله أو استغنائهم بحصتهم ) أي صيرورتهم أغنياء بأن يرث كل منهم أربعة آلاف درهم على ما روي عن الإمام أو يرث عشرة آلاف درهم على ما روي عن الفضلي قهستاني عن الظهيرية ، واقتصر الأتقاني على الأول ( قوله أي غنى والاستغناء ) عبر بالواو إشارة إلى أن المراد بقوله بلا إحداهما عدمهما معا إذ لو وجد أحدهما دون الآخر كان المندوب الفعل لا الترك فيناقض ما قبله فتدبر ( قوله لأنه ) أي ترك الوصية




الخدمات العلمية