الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وله ) أي للموصى ( الرجوع عنها بقول صريح ) أو فعل يقطع حق المالك عن الغصب ( بأن يزيل اسمه ) وأعظم منافعه كما عرف في الغصب ( أو ) فعل ( يزيد في الموصى به ما يمنع تسليمه إلا به كلت السويق ) الموصى به ( بسمن والبناء ) في الدار الموصى بها بخلاف تجصيصها وهدم بنائها لأنه تصرف في التابع ( وتصرف ) عطف على بقول صريح وعطف ابن كمال تبعا للدرر بأو وعليه فهو أصل ثالث في كون فعله يفيد رجوعه عنها كما يفيده متن الدرر فتدبر ( يزيل ملكه ) فإنه - - [ ص: 659 ] رجوع عاد لملكه ثانيا أم لا ( كالبيع والهبة ) وكذا إذا خلطه بغيره بحيث لا يمكن تميزه ( لا ) يكون راجعا ( بغسل ثوب أوصى به ) لأنه تصرف في التبع .

واعلم أن التغير بعد موت الموصي لا يضر أصلا ( ولا بجحودها ) درر وكنز ووقاية وفي المجمع به يفتى ومثله في العيني ثم نقل عن العيون : أن الفتوى على أنه رجوع وفي السراجية : وعليه الفتوى وأقره المصنف ( وكذا ) لا يكون راجعا ( بقوله كل وصية أوصيت بها فحرام أو رياء أو أخرتها بخلاف ) قوله تركتها وبخلاف قوله ( كل وصية أوصيتها فهي باطلة أو الذي أوصيت به لزيد فهو لعمرو أو لفلان وارثي ) فكل ذلك رجوع عن الأول تكون لوارثه بالإجازة كما مر ( ولو كان فلان ) لآخر ( ميتا وقتها فالأولى من الوصيتين بحالها ) لبطلان الثانية ولو حيا وقتها فمات قبل الموصى بطلتا الأولى بالرجوع والثانية بالموت

التالي السابق


( قوله وله الرجوع عنها ) لأن تمامها بموت الموصي ، ولأن القبول يتوقف على الموت والإيجاب المفرد يجوز إبطاله في المعاوضات كالبيع ، ففي التبرع أولى عناية

واعلم أن الرجوع في الوصية على أنواع ما يحتمل الفسخ بالقول والفعل كالوصية بعين وما لا يحتمله إلا بالقول كالوصية بالثلث أو الربع ، فإنه لو باع أو وهب لم تبطل وتنفذ الوصية من ثلث الباقي ، وما لا يحتمله إلا بالفعل كالتدبير المقيد ، فلو باعه صح لكن لو اشتراه عاد لحاله الأول وما لا يحتمله بهما كالتدبير المطلق ا هـ ملخصا من الأتقاني والقهستاني ( قوله أو فعل إلخ ) هذا رجوع دلالة والأول صريح ، وقد يثبت ضرورة بأن يتغير الموصى به ويتغير اسمه كما إذا أوصى بعنب في كرمه فصار زبيبا أو ببيضة فحضنتها دجاجة ; حتى أفرخت قبل موت الموصي وتمامه في الكفاية ( قوله بأن يزيل اسمه إلخ ) كما إذا اتخذ الحديد سيفا أو الصفر آنية لأنه لما أثر في قطع ملك المالك فلأن يؤثر في المانع أولى زيلعي أي في المنع عن حصول الملك للموصى له ، وإذا ذبح الشاة الموصى بها كان مجرد الذبح رجوعا وكان ينبغي عدمه ، لأنه نقصان كقطعه الثوب ولم يخطه ، وهدم بناء الدار ، ولكن نقول الذبح دليل على استبقائه على ملكه فكان دليل الرجوع لأن اللحم قلما يبقى عادة إلى وقت الموت أتقاني ( قوله كلت السويق إلخ ) وكالقطن يحشو به والبطانة يبطن بها والظهارة يظهر بها ، لأنه لا يمكن تسليمه بدون الزيادة ، ولا يمكن نقضها لأنه حصل في ملك الموصي من جهته هداية وكذا لو زرع فيها شجرا أو كرما لا لو زرع رطبة خانية ( قوله لأنه تصرف في التابع ) وهو البناء والتجصيص زينة أتقاني . وانظر هل تطيين الدار وتكليسها كالبناء أو كالتجصيص .

ثم رأيت في الخانية ما نصه : وإن طينها يكون رجوعا إذا كان كثيرا ا هـ وتمام ذلك في شرح الوهبانية فراجعه ( قوله عطف على بقول ) فيه مسامحة لأن العطف على المجرور بدون الجار أفاده ح ( قوله فهو أصل ثالث إلخ ) يعني أنه قسم ثالث للفعل المفيد للرجوع ، خلافا لما يفيده تعبير المصنف من أنه مقابل للفعل لكن قال ح : هذا [ ص: 659 ] إنما يظهر في عبارة الدرر حيث قال : أو يزيد ولم يذكر لفظة تصرف وأما على ذكرها ، فلا سواء كان بأو أو بالواو ا هـ ( قوله عاد لملكه ثانيا ) أي بالشراء أو بالرجوع عن الهبة زيلعي ، وهذا في غير المدبر المقيد كقوله إن مت من مرضي هذا فأنت حر ، فإنه لو باعه ثم اشتراه عاد إلى الحال الأول كما نقله الأتقاني وقدمناه ( قوله وكذا إذا خلطه بغيره بحيث لا يمكن تميزه ) أقول : وكذا إن أمكنه ولكن بعسر كشعير ببر وكان عليه أن يذكر هذا عند قول المتن أو فعل بقطع حق المالك سائحاني ( قوله لأنه تصرف في التبع ) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها في النفع بالنون والفاء وعلى كل ، فالمراد به إزالة الوسخ وعبارة الهداية ، لأن من أراد أن يعطي ثوبه غيره يغسله عادة فكان تقريرا ا هـ أي إبقاء للوصية لا رجوعا عنها ( قوله لا يضر أصلا ) أي سواء كان قبل القبول أو بعده زيلعي ، لأنه حصل بعد تمامها ، لأن تمامها بالموت كفاية ( قوله ولا بجحودها ) لأن الرجوع عن الشيء يقتضي سبق وجوده وجحود الشيء يقتضي سبق عدمه إذا الجحود نفي لأصل العقد ، فلو كان الجحود رجوعا اقتضى وجود الوصية وعدمها فيما سبق وهو محال كفاية ( قوله وأقره المصنف ) قال في شرح الملتقى ولكن المتون على الأول ولذا قدمه المصنف على عادته ا هـ .

أقول : وأخر في الهداية دليله فكان مختارا له قال في النهاية ، وجزم به في المواهب والإصلاح قال في قضاء الفوائت من البحر ، وإذا اختلف التصحيح والإفتاء فالعمل بما وافق المتون أولى ( قوله فحرام أو رياء إلخ ) لأن الوصف يستدعي بقاء الأصل والتأخير ليس للسقوط كتأخير الدين زيلعي ( قوله فكل ذلك رجوع ) لأن الترك إسقاط والباطل الذاهب المتلاشي ، ولأن قوله الذي أوصيت به إلخ يدل على قطع الشركة بخلاف ما إذا أوصى به لرجل ثم أوصى به لآخر ، لأن المحل يحتمل الشركة واللفظ صالح لها زيلعي ( قوله لبطلان الثانية ) أي لأن الأولى إنما تبطل ضرورة كونها للثاني ، ولم تكن فبقي الأول على حاله زيلعي




الخدمات العلمية