الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا قود في عظم إلا السن وإن تفاوتا ) طولا أو كبرا لما مر ( فتقطع إن قلعت ; وقيل تبرد إلى ) اللحم ( موضع أصل السن ) ويسقط ما سواه لتعذر المماثلة إذ ربما تقصد لهاته ، وبه أخذ صاحب الكافي . قال المصنف وفي المجتبى وبه يفتى ( كما تبرد ) إلى أن يتساويا إن كسرت . [ ص: 553 ] وفي المجتبى : يؤجل حولا ، فإن لم تثبت يقتص . وقيل يؤجل الصبي لا البالغ ، فلو مات الصبي في الحول برئ . وقال أبو يوسف : فيه حكومة عدل ، وكذا الخلاف إذا أجل في تحريكه فلم يسقط ، فعند أبي يوسف تجب حكومة عدل الألم : أي أجر القلاع والطبيب ا هـ وسنحققه .

( وتؤخذ الثنية بالثنية والناب بالناب ، ولا تؤخذ الأعلى بالأسفل ولا الأسفل بالأعلى ) مجتبى . الحاصل أنه لا يؤخذ عضو إلا بمثله .

التالي السابق


( قوله إلا السن ) استثناء متصل أو منقطع ، فإن الأطباء اختلفوا فقيل إنه عصب يابس ; لأنه يحدث وينمو بعد تمام الخلقة ; وقيل عظم وكأنه وقع عند صاحب الهداية أنه عظم ، حتى قال : والمراد منه غير السن ، وعليه فالاستثناء متصل . والفرق بينه وبين غيره إمكان المساواة بأن يبرد بالمبرد معراج وعناية ( قوله لما مر ) أي من اتحاد المنفعة وفيه إشارة إلى أنها أصلية سليمة . ففي القهستاني : أل للعهد أي سن أصلية فلا قصاص في السن الزائدة ا هـ أي بل فيها حكومة عدل كما في التتارخانية . وفيها أيضا : وسن الجاني سوداء أو صفراء أو حمراء أو خضراء ، إن شاء المجني عليه اقتص أو ضمنه أرش سنه خمسمائة ، ولو المعيب سن المجني عليه فله الأرش حكومة عدل ولا قصاص ( قوله موضع أصل السن ) بدل مما قبلهط ( قوله ويسقط ما سواه ) أي ما كان داخلا في اللحم ( قوله إذ ربما تفسد لهاته ) أي لو قلع ، والتعبير باللهاة وقع في النهاية وتبعه الزيلعي والمصنف والشارح ، والصواب لثاته كما وقع في الكفاية . قال في المغرب : اللهاة لحمة مشرفة على الحلق ، قوله من تسحر بسويق لا بد أن يبقى بين أسنانه ولهاته شيء كأنه تصحيف لثاته وهي لحمات أصول الأسنان ا هـ ( قوله وبه أخذ صاحب الكافي ) أي بالقول بالبرد وعليه مشى شراح الهداية ، وعزوه إلى الذخيرة والمبسوط ، وتبعهم في الجوهرة والتبيين ، ولم يتعرضوا للقول بالقلع أصلا ، بل قالوا لا تقلع ، وإنما تبرد مع أنه في الهداية قال : ولو قلع من أصله يقلع الثاني فيتماثلان ، وكأن الشراح لم يرتضوا به لكن مشى عليه في مختصر الوقاية والملتقى والاختيار والدرر وغيرها . ونقل الطوري عن المحيط أن في المسألة روايتين . ونقل بعضهم عن المقدسي أنه قال : ينبغي اختيار البرد خصوصا عند تعذر القلع ، كما لو كانت أسنانه غير مفلجة بحيث يخاف من قلع واحد أن يتبعه غيره أو أن تفسد اللثة ا هـ .

قلت : يؤيده ما في شرح مسكين عن الخلاصة : النزع مشروع ، والأخذ بالمبرد احتياط ا هـ ( قوله قال المصنف إلخ ) لم أره في المنح ولا في المجتبى ( قوله كما تبرد إلى أن يتساويا إن كسرت ) هذا إذا لم يسود الباقي وإن اسود لا يجب القصاص ، فإن طلب المجني عليه استيفاء قدر المكسورة وترك ما اسود لا يكون له ذلك . وفي ظاهر الرواية إذا كسر السن لا قصاص فيه خانية ، وسيأتي في كتاب الديات ، وفي البزازية قال القاضي الإمام : وفي كسر بعض السن إنما يبرد بالمبرد إذا كسر عن عرض ، أما لو عن طول ففيه الحكومة ا هـ شرنبلالية . وفي التتارخانية إن كسر مستويا يمكن استيفاء القصاص منه اقتص وإلا فعليه أرش ذلك ، في كل سن خمس من الإبل أو البقر ا هـ فعلم تقييده أيضا بما إذا أمكن فيه المساواة .

وفي الخانية ضرب سن رجل فاسود فنزعها آخر فعلى الأول أرش تام خمسمائة وعلى الثاني حكومة عدل ا هـ . [ ص: 553 ] وفيها : كسر ربع سن رجل وربع سن الكاسر مثل سن المكسور ذكر ابن رستم أنه يكسر من الكاسر ، ولا يعتبر فيه الصغر والكبر بل يكون على قدر ما كسر ، وكذا لو قطع أذن إنسان أو يده وأذن القاطع أو يده أطول ا هـ .

[ تنبيه ] قال في الخلاصة : ولو كسر بعض السن فسقط الباقي لا يجب القصاص في المشهور من الرواية ، ولو ضربها فتحركت ولم تتغير فقلعها آخر فعلى كل حكومة عدل ا هـ ( قوله فإن لم تثبت يقتص ) أي فيما إذا قلعت ، وذكر في المجتبى أيضا أنه إذا كسر بعضها ينتظر حولا ، فإذا لم تتغير تبرد ، وكذا ذكر فيما إذا تحركت ينتظر حولا فإن احمرت أو اخضرت أو اسودت تجب ديتها في ماله قال : وفي الاصفرار اختلاف المشايخ ( قوله وقيل يؤجل الصبي ) عبارة المجتبى والأصل عندنا أنه يستأنى في الجنايات كلها عمدا كان أو خطأ ومحمد ذكر الاستيناء في التحريك دون القلع .

واختلف في القلع . قال القدوري : يستأنى الصبي دون البالغ ، وقيل يستأنى فيهما ا هـ . ونقل ط عن الظهيرية إن ضرب سن رجل فسقطت ينتظر حتى يبرأ موضع السن ولا ينتظر حولا إلا في رواية المجرد ، والصحيح هو الأول لأن نبات سن البالغ نادر ا هـ وسينقله الشارح في الشجاج عن الخلاصة والنهاية ، ويأتي تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى ( قوله فلو مات الصبي في الحول برئ ) أي أو مات الصبي قبل تمام السنة فلا شيء على الجاني عند أبي حنيفة مجتبى ( قوله وكذا الخلاف إلخ ) قال في المجتبى : إذا استأنى في التحريك فلم يسقط فلا شيء عليه وقال أبو يوسف : تجب حكومة عدل الألم : أي أجر القلاع والطبيب ، وإن سقط يجب القصاص في العمد ، والدية في الخطأ ، فإن قال الضارب سقط لا بضربتي فالقول للمضروب استحسانا ا هـ زاد في التتارخانية : وليس هذا في شيء من الجنايات إلا في السن للأثر ، فإن جاء بعد السنة والسن ساقط فقال الضارب سقط في السنة فالقول للمضروب أنها سقطت من ضربه ، وإن قال بعد السنة فللضارب ( قوله حكومة عدل الألم ) حكومة العدل بمعنى الأرش فكأنه قال أرش الألم ا هـ ح ، أو يقال الإضافة بيانية ، أي حكومة هي عدل الألم : أي ما يعادله من الدراهم تأمل ( قوله أي أجر القلاع ) الذي رأيته في التتارخانية أخر العلاج ( قوله وسنحققه ) أي في أثناء فصل الشجاج وفي آخره ( قوله والحاصل إلخ ) أفاد أن ذلك ليس خاصا في السن بل غيرها كذلك .

قال في الجوهرة : وأجمع المسلمون على أنه لا تؤخذ العين اليمنى باليسرى ولا اليسرى باليمنى وكذا اليدان والرجلان وكذا أصبعهما ، ويؤخذ إبهام اليمنى باليمنى والسبابة بالسبابة والوسطى بالوسطى ، ولا يؤخذ شيء من أعضاء اليمنى إلا باليمنى ولا اليسرى إلا باليسرى ا هـ




الخدمات العلمية