الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن اختلف شاهدا قتل في زمان أو في المكان أو في آلته أو قال أحدهما قتله بعصا وقال الآخر : لم أدر بماذا قتله أو شهد أحدهما على معاينة القتل والآخر على إقرار القاتل به بطلت ) ; لأن القتل لا يتكرر [ ص: 571 ] ( وكذا ) تبطل الشهادة ( لو كمل النصاب في كل واحد منهما ) لتيقن القاضي بكذب أحد الفريقين ولا أولوية ( ولو كمل أحد الفريقين دون الآخر قبل الكامل منهما ) لعدم المعارض ( ولو شهدا ) بقتله ( وقالا جهلنا آلته تجب الدية في ماله ) في ثلاث سنين شرنبلالية استحسانا حملا على الأدنى وهو الدية وكانت في ماله ; لأن الأصل في الفعل العمد ( وإن أقر كل واحد منهما ) أي من الرجلين ( أنه قتله وقال الولي قتلتماه جميعا له قتلهما ) عملا بإقرارهما ( ولو كان مكان الإقرار ) والمسألة بحالها ( شهادة لغت ) الشهادتان لأن التكذيب تفسيق وفسق الشاهد يبطل شهادته أما فسق المقر لا يبطل الإقرار ( ولو قال ) الولي ( في ) صورة ( الإقرار ) السابقة صدقتما ( ليس له أن يقتل واحدا منهما ) لأن تصديقه بانفراد كل بقتله وحده إقرار بأن الآخر لم يقتله بخلاف قوله قتلتماه ، لأنه دعوى القتل بلا تصديق فيقتلهما بإقرارهما زيلعي ( ولو أقر ) رجل ( بأنه قتله وقامت البينة على آخر أنه قتله وقال الولي قتله كلاهما كان له ) للولي ( قتل المقر دون المشهود عليه ) لأن فيه تكذيبا لبعض موجبه كما مر ، ولو قال الولي لأحد المقرين صدقت أنت قتلته وحدك كان له قتله لتصادقهما على وجوب القتل عليه وحده ( كما لو قال ذلك لأحد المشهود عليهما ) كان له قتله لعدم تكذيبه شهوده عليه وإنما كذب الآخرين وكذا حكم الخطأ في كل ما ذكر ذكره الزيلعي .

التالي السابق


( قوله أو في المكان ) أي المتباعد فإن كان متقاربا كبيت شهد أحدهما إني رأيته قتله في هذا الجانب ، وشهد الآخر إني رأيته قتله في هذا الجانب فتقبل ولوالجية ( قوله أو في آلته ) بأن قال أحدهما قتله بعصا والآخر قتله بالسيف . قال في الخزانة : ولو شهد أحدهما بالقتل بالسيف والآخر بالسكين لم يجز ولو كانت الشهادتان بإقراره جاز ا هـ ومنه يظهر أن وجه بطلان الشهادة مجرد الاختلاف لا كون موجب شهادة أحدهما العمد والآخر الخطأ عزمية ( قوله ; لأن القتل لا يتكرر ) هذا إنما يظهر في الاختلاف في الزمان أو المكان أو الآلة ، فإن في كل من الثلاثة أحد الشاهدين شهد فيه بقتل ، والآخر بآخر ويلزم منه اختلافهما في المشهود به .

وأما في الصورة الرابعة فالعلة أن أحدهما شهد بشبه العمد ، والآخر بقتل مطلق يحتمل العمد ، وشبه العمد والخطأ فلم يثبت اتفاقهما في المشهود به ، وكذا في الخامسة لشهادة أحدهما على الفعل والآخر [ ص: 571 ] على القول فلو قال لاختلاف المشهود به لشمل الكل ( قوله وكذا تبطل الشهادة إلخ ) ظاهره بطلانها في الصور الخمس مع أن الزيلعي إنما ذكر ذلك بعد الثلاثة الأول فقط ، وبه تظهر العلة التي ذكرها ; لأن كل فريق شهد بقتل آخر ، والقتل لا يتكرر فيتيقن بكذب أحد الفريقين ، أما في الرابعة والخامسة فلا يظهر فتدبر ( قوله ولا أولوية ) أي ليس إحدى الشهادتين أولى بالقبول من الأخرى ، وظاهر أن هذا إذا تعارضتا قبل الحكم بإحداهما وإلا فلا تسمع الثانية تأمل ; لأن كل بينتين متعارضتين إذا سبق الحكم بإحداهما لغت الأخرى ( قوله ولو كمل أحد الفريقين ) أي تم نصاب الشهادة في جانب دون آخر ( قوله استحسانا ) والقياس أن لا تقبل ; لأن الفعل يختلف باختلاف الآلة فجهل المشهود به هداية ( قوله حملا على الأدنى ) ; لأنهم شهدوا بقتل مطلق والمطلق ليس بمجمل ، فيجب أقل موجبيه وهو الدية ولا يحتمل قولهما لا ندري على الغفلة ، بل يحمل على أنهما سعيا للدرء المندوب إليه في العقوبات إحسانا للظن بهما عيني ( قوله لغت ) إلا إذا صدق الولي إحدى البينتين كما يأتي ط أي في قول المصنف كما لو قال ذلك لأحد المشهود عليهما أي قال له أنت قتلته .

( قوله ; لأن التكذيب تفسيق ) ; لأن قوله قتلتماه تكذيب للشهود في بعض المشهود به ، حيث ادعى اشتراكهما في القتل ، فكأنه قال لم ينفرد بقتله ، بل شاركه آخر وهذا القدر من التكذيب يمنع قبول الشهادة لادعائه فسقهم به دون الإقرار زيلعي ( قوله ليس له أن يقتل واحدا منهما ) وليس له دية أيضا لما ذكره ا هـ ط ( قوله إقرار بأن الآخر لم يقتله ) فكان مكذبا لهما في إخبارهما بالقتل ط ( قوله بلا تصديق ) أي في الانفراد فإن كلا منهما أقر بانفراده بكل القتل وبالقصاص عليه ، والمقر له صدقه في وجوب القتل عليه أيضا لكنه كذبه في انفراده بالقتل وتكذيب المقر في بعض ما أقر به لا يضر كما مر ( قوله ولو أقر رجل إلخ ) صورته ادعى الولي على رجلين بالقتل وجاء ببينة فشهدت البينة على أحدهما وأقر الآخر تأمل ( قوله ; لأن فيه ) أي في قوله قتله كلاهما ( قوله لبعض موجبه ) أي موجب ما شهدا به ; لأنهما أثبتا انفراد المشهود عليه بالقتل ، والمدعي يقول لا بل قتله هو والآخر ( قوله كما مر ) أي من أن التكذيب تفسيق ( قوله كما لو قال ذلك ) أي أنت قتلته وحدك




الخدمات العلمية