الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الوهبانية : ويسقط في وقت العمارة مثل ما لو انهد بعض الدار فالهدم يحزر     وخالف في قدر العمارة آمر
يقدم فيها قوله لا المعمر [ ص: 44 ] قلت : ومفاده رجوع المستأجر بما ثبت على المؤجر بمجرد الأمر ، يعني إلا في تنور وبالوعة فلا بد من شرط الرجوع عليه ، ولو خربت الدار سقط كل الأجر ، ولا تنفسخ به ما لم يفسخها المستأجر بحضرة المؤجر هو الأصح ، وإذا بنيت لا خيار له ، وفي سكنى عرصتها لا يجب الأجر قاله ابن الشحنة .

قلت : وفي نفيه نظر ، ولعله أريد المسمى ، أما أجرة المثل أو حصة العرصة فلا مانع من لزومها فتأمله ، وسيجيء في فسخها ما يفيده فتنبه ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


( قوله ويسقط ) أي يسقط جميع الأجر عن المستأجر مدة العمارة إن انهدم جميع الدار ح ( قوله مثل ما ) بالنصب صفة مصدر محذوف : أي سقوطا مماثلا لسقوطه : أي الأجر لو انهدم بعض الدار . ( قوله فالهدم يحزر ) بتقديم الزاي على الراء : أي يعلم قدر أجر المنهدم بالحزر والتخمين ويسقط ، ومثله في البزازية ، لكن قال ابن الشحنة : ظاهر الرواية أنه لا يسقط من الأجر شيء بانهدام بيت منها أو حائط ، بخلاف ما إذا شغل المؤجر بيتا منها ; لأنه بفعله فيسقط بحسابه ا هـ ملخصا ونقل نحوه السائحاني عن المقدسي .

وذكر في البزازية : وإذا سقط حائط من الدار ، فإن كان لا يضر بالسكنى ليس له أن يفسخ ، وإن ضر له الفسخ ، وإذا لم يفسخ يلزمه المسمى . ( قوله وخالف ) فعل ماض وآمر فاعله والمفعول محذوف : أي مخالف المستأجر .

وصورتها : أمره رب الدار بالبناء ليحسبه من الأجر فاتفقا على البناء واختلفا في مقدار النفقة فالقول لرب الدار بيمينه ; لأنه ينكر الزيادة .

قالوا : هذا إذا أشكل الحال بأن اختلف فيه أهل تلك الصناعة ، أما إذا اجتمعوا على قول أحدهما وقالوا يذهب من النفقة في مثل البناء ما يقوله أحدهما فالقول قوله ولا يلتفت إلى قولهما ذخيرة ملخصا ، ومثله في التتارخانية والبزازية ، وأفتى به الرملي .

والحيلة في تصديقه أن يعجل من الأجرة قدرا ويقبضه المؤجر ثم يأمره بإنفاقه فيكون القول له ; لأنه أمين كما نظمه في المحببة ( قوله في قدر العمارة ) [ ص: 44 ] أي قدر نفقتها . ( قوله قلت ) البحث للشرنبلالي ح . ( قوله ومفاده ) أي مفاد إطلاق النظم الآمر عن التقييد بالرجوع فافهم . ( قوله بمجرد الأمر ) أي وإن لم يقل على أن ترجع بذلك علي وهو الصحيح خانية ، ونقله ابن الشحنة عن القنية . ( قوله إلا في تنور وبالوعة إلخ ) ; لأن المقصود منهما نفع المستأجر . ( قوله ولو خربت الدار إلخ ) تكرار مع صدر البيت الأول مع ما بيناه ح . ( قوله بحضرة المؤجر ) تبع فيه الشرنبلالي .

وقد قال في شرحه على الملتقى ناقلا عبارة الصغرى مع توضيح أنه بانهدام جدار أو بيت من دار يفسخ بحضرته إجماعا وبانهدام كلها له الفسخ بغيبته ، ولا تنفسخ ما لم يفسخ هو الصحيح لصلاحيتها لنصب الفسطاط ، لكن تسقط الأجرة فسخ أو لم يفسخ لعدم تمكنه مما قصده .

قلت : وهي صريحة في الفرق بين انهدام كلها وبعضها فيرجع إلى المخل وغير المخل ، ولا خيار في غير المخل أصلا على ما مر فتدبر ا هـ ملخصا : وقد رد الشارح بذلك على القهستاني حيث أطلق عدم اشتراط حضرته وهنا أطلق اشتراطها ، ففيما نقله رد على إطلاقه هنا أيضا ، وقد صرح بالتفصيل أيضا في الحانية وغيرها .

وفي القنية : انهدم بعضها والمؤجر غائب أو متمرض لا يحضر مجلس القاضي ينصب عنه القاضي وكيلا فيفسخه ، وسيأتي في باب الفسخ تمام الكلام عليه ، وعلى اشتراط القضاء أو الرضا . ( قوله وإذا بنيت لا خيار له ) لزوال سببه قبل الفسخ ، والظاهر أنه فيما لو بناها كما كانت وإلا فله الفسخ ، وليحرر . ( قوله قاله ابن الشحنة ) ووقع مثله في الهندية عن محيط السرخسي ط . ( قوله قلت ) البحث للشرنبلالي ح . ( قوله أما أجرة المثل ) أي مثل العرصة ، وقوله أو حصة العرصة : أي من الأجر المسمى ط . ( قوله ما يفيده ) هو قوله : وفي التبيين أو انقطع ماء الرحا والبيت مما ينتفع به لغير الطحن فعليه من الأجرة بحصته لبقاء المعقود عليه فإذا استوفاه لزمه حصته ا هـ ح .

قلت : سنذكر في باب الفسخ ما يفيد تقييده بما إذا كان منفعة السكنى مثلا معقودا عليها مع منفعة الطحن ، وبه يشعر قول التبيين لبقاء المعقود عليه ، وحينئذ فلا يتم الاستشهاد تأمل .

وظاهر ما قدمناه عن شرح الملتقى من قوله لعدم تمكنه مما قصده يفيده أيضا ويفيد عدم لزوم أجر أصلا ، ولعل في المسألة خلافا ، والله تعالى أعلم




الخدمات العلمية