الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن ضرب الحجرين درهما ودينارا أو إناء لم يملكه وهو لمالكه مجانا ) خلافا لهما ( فإن ذبح شاة غيره ) ونحوها مما يؤكل ( طرحها المالك عليه وأخذ قيمتها أو أخذها وضمنه نقصانها وكذا ) الحكم ( لو قطع يدها ) أو قطع طرف دابة غير مأكولة كذا في الملتقى قيل : ولفظ غير : غير سديد هنا . قلت : قوله غير سديد غير سديد لثبوت الخيار في غير المأكولة أيضا لكن إذا اختار ربها أخذها لا يضمنه شيئا وعليه الفتوى كما نقله المصنف عن العمادية فليحفظ بخلاف طرف العبد فإن فيه الأرش ( أو خرق ثوبا ) [ ص: 194 ] خرقا فاحشا ( و ) هو ما ( فوت بعض العين وبعض نفعه لا كله ) فلو كله ضمن كلها ( وفي خرق يسير ) نقصه و ( لم يفوت شيئا ) من النفع ( ضمنه النقصان مع أخذ عينه ليس غير ) لقيام العين من كل وجه ما لم يجدد فيه صنعة أو يكون ربويا كما بسطه الزيلعي . قلت : ومنه يعلم جواب حادثة وهي غصبت حياصة فضة مموهة بالذهب فزال تمويهها يخير مالكها بين تضمينها مموهة أو أخذها بلا شيء ، ; لأنه تابع مستهلك ، ولو كان مكان الغصب شراء بوزنها فضة فلا رد لتعيبها ولا رجوع بالنقصان للزوم الربا فاغتنمه فقل من صرح به قاله شيخنا .

التالي السابق


( قوله وهو لمالكه مجانا ) فلا يضمن للغاصب شيئا لأجل الصياغة ; لأنه لم يوجد إلا مجرد العمل إلا إذا جعله من أوصاف ملكه ، بحيث يكون في نزعه ضرر كما لو جعله عروة مزادة أو صفائح في سقف ونحو ذلك ، فقد انقطع لصاحبه اليد عنه وقت غصبه تتارخانية ( قوله أو أخذها وضمنه نقصانها ) ; لأنه إتلاف من وجه لفوات بعض المنافع كالحمل والدر والنسل ، وبقاء بعضها وهو اللحم درر ( قوله وكذا الحكم لو قطع يدها ) ; لأنه إتلاف من وجه أيضا وهذا في مثل البقر ونحوه ظاهر ، وكذا في الشاة ; لأنها تضعف عن الذهاب إلى المرعى فيقل درها ويضعف نسلها تأمل ( قوله أو قطع طرف دابة غير مأكولة ) لوجود الاستهلاك من كل وجه هداية ، وقيد باليد والطرف ; لأن في عين الحمار أو البغل أو الفرس ربع القيمة ، وكذا في عين البقرة والجزور وفي عين الشاة ما نقصها ، وسيجيء ذلك في كتاب الديات إن شاء الله تعالى أتقاني ( قوله غير سديد هنا ) ; لأن قوله أو أخذها وضمنه نقصانها خاص بالمأكولة وعلى إسقاط لفظة غير يكون من التعميم بعد التخصيص ( قوله قلت إلخ ) جواب عن الملتقى .

وحاصله : أن مراده بإلحاق غير المأكولة بالمأكولة في الحكم من حيث وجود التخيير فيهما بين طرحها على الغاصب ، وبين إمساكها وإن كان بينهما فرق من حيث إنه إذا أمسك المأكولة له أن يضمن الغاصب النقصان ، بخلاف غير المأكولة لما علمت من وجود الاستهلاك من كل وجه ، وقد نبه الشارح على هذا الفرق بقوله : لكن إذا اختار إلخ فافهم .

أقول : وقد يجاب بأن المراد الرجوع بالنقصان أيضا كالمأكولة كما هو قضية التشبيه ، ولكن يقيد بما إذا كان لما بقي قيمة ، لعدم وجود الاستهلاك من كل وجه والقرينة على هذا التقييد لفظ النقصان ، فإنه إذا لم يكن لما بقي قيمة لم يقل له نقصان ، بل هلاك ودليل ذلك ما في النهاية وغيرها عن المنتقى بالنون قطع يد حمار أو رجله وكان لما بقي قيمة ، فللمالك أن يمسكه ويأخذ النقصان وكذا لو ذبحه ، وكان لجلده ثمن لا إن قتله ; لأن الذبح بمنزلة الدباغ ا هـ ملخصا هذا وفي النهاية عن المبسوط ما يفيد أن المراد هنا بغير المأكولة ما يشمل الفرس ( قوله بخلاف طرف العبد ) مرتبط بقوله لكن إذا اختار ربها أخذها لا يضمنه شيئا ( قوله فإن فيه الأرش ) أي له أخذه مع الأرش ; لأنه ينتفع به أقطع ، ولا كذلك الدابة الغير المأكولة منح ( قوله خرق ثوبا إلخ ) معطوف على ما قبله : [ ص: 194 ] أي للمالك أيضا أن يطرحه عليه ويضمنه القيمة أو يمسكه ويضمنه النقصان ( قوله وهو ما فوت إلخ ) اقتصر عليه ; لأنه هو الصحيح في الفرق بين الفاحش واليسير من أقوال أربعة مذكورة في الشرنبلالية وغيرها ( قوله لا كله ) أي كل النفع ( قوله ضمن كلها ) أي كل العين ( قوله نقصه ) أي نقص العين وذكر الضمير باعتبار الثوب ، ويصح إرجاعه للنفع وقوله بعده ولم يفوت شيئا من النفع أي لم يفوته بتمامه قال في الهداية واليسير ما لا يفوت به شيء من المنفعة ، وإنما يدخل فيه النقصان ; لأن محمدا جعل في الأصل قطع الثوب نقصانا فاحشا والفائت به بعض المنافع ا هـ .

والحاصل كما في النهاية وغيرها : أنه ما تفوت به الجودة بسبب نقصان في المالية ( قوله ما لم يجدد فيه صنعة ) بأن خاطه قميصا فإنه ينقطع به حق المالك عنه عندنا زيلعي ( قوله أو يكون ربويا ) فيخير المالك بين أن يمسك العين ، ولا يرجع على الغاصب بشيء وبين أن يسلمها ، ويضمنه مثلها أو قيمتها ; لأن تضمين النقصان متعذر ، ; لأنه يؤدي إلى الربا زيلعي ، وقوله : أو قيمتها أي في نحو مصوغ تأمل ( قوله ومنه يعلم ) أي من قوله أو يكون ربويا ( قوله حياصة ) الأصل حواصة وهي سير يشد به حزام السرج قاموس ( قوله بين تضمينها مموهة ) أي تضمين القيمة من غير الجنس على الظاهر ط ( قوله ; لأنه تابع ) عبارة شيخه الرملي ; لأن الذهب بالتمويه صار مستهلكا : تبعا للفضة فتعتبر جميعها فضة غير أنها انتقصت بذهابه ( قوله شراء ) بالمد والتنوين أي بأن اشترتها بفضة مساوية لها وزنا وزال التمويه عندها يعني ووجدت بها عيبا قديما ( قوله فلا رد ) أي بالعيب القديم لتعيبها بزوال التمويه عندها وهو مانع من الرد ( قوله ولا رجوع بالنقصان ) أي نقصان العيب القديم ( قوله للزوم الربا ) ; لأنه يبقي أحد البدلين زائدا على الآخر بلا عوض يقابله وهذه مما يزاد على المسائل التي تمنع الرجوع بالنقصان المذكورة في باب خيار العيب ولهذا قال فاغتنمه إلخ ( قوله قاله شيخنا ) يعني الخير الرملي في حواشي المنح




الخدمات العلمية