الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن أوصى الذمي أن يبني داره بيعة أو كنيسة لمعينين فهو جائز من الثلث ويجعل تمليكا ، وإن ) أوصى ( بداره أن تبنى كنيسة ) أو بيعة ( في القرى ) فلو في المصر لم يجز اتفاقا ( لقوم غير مسمين صحت ) عنده لا عندهما لما مر أنه معصية . وله أنهم يتركون وما يدينون فتصح ( كوصية حربي مستأمن ) لا وارث له هنا ( بكل ماله لمسلم أو ذمي ) كذا في الوقاية ، ولا عبرة بمن ثمة لأنهم أموات في حقنا .

ولو أوصى بنصفه مثلا نفذ ورد باقيه لورثته لا إرثا ، بل لأنه لا مستحق له في دارنا ، وكذا لو أوصى لمستأمن مثله . ولو أعتق عبده عند الموت أو دبره نفذ من الكل لما قلنا . ولو أوصى له مسلم أو ذمي جاز على الأظهر زيلعي [ ص: 698 ] ( وصاحب الهوى إذا كان لا يكفر فهو بمنزلة المسلم في الوصية ) لأنا أمرنا ببناء الأحكام على ظاهر الإسلام ( وإن كان يكفر فهو بمنزلة المرتد ) فتكون موقوفة عنده نافذة عندهما شرح المجمع .

التالي السابق


( قوله لمعينين ) أي معلومين يحصى عددهم معراج ( قوله فهو جائز ) أي اتفاقا ولا يلزمهم جعلها كنيسة كما مر ( قوله في القرى ) المراد بالقرى ما ليس فيه شيء من شعائر الإسلام وإلا فكالأمصار ذكره القهستاني والبرجندي در منتقى ( قوله غير مسمين ) بياء واحدة كمصطفين ، وفي كثير من النسخ بياءين وهو تحريف ، فإن الياء الأولى حذفت بعد قلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ( قوله لما مر أنه معصية ) أي ولا يمكن جعله تمليكا لعدم تعيينهم ، وهذا تعليل لنفي الصحة عندهما ( قوله وله أنهم يتركون وما يدينون ) فإن هذا قربة في اعتقادهم ، ولذا لو أوصى بما هو قربة حقيقة ، معصية في معتقدهم لا يجوز اعتبارا لاعتقادهم . والفرق له بين البناء والوصية أن البناء نفسه ليس بسبب لزوال ملك الباني ، والوصية وضعت لإزالة الملك هداية ملخصا ( قوله كوصية حربي مستأمن ) قيد به ، لأن وصية الذمي تعتبر من الثلث ولا تصح لوارثه ، وتجوز لذمي من غير ملته لا لحربي في دار الحرب ا هـ ملتقى ( قوله لا وارث له هنا ) أي في دارنا ، ومفهومه لو كان وارثه هنا لا تجوز بأكثر من الثلث .

وعبر الزيلعي وغيره من هذا المفهوم بقيل فأفاد ضعفه ، لكن جزم بما ذكره الشارح في الوقاية والإصلاح والملتقى ، وأشار إليه في الهداية والجامع الصغير ، فيفيد ذلك أنه المعتمد لأن المتون مقدمة على الشروح ، وبه جزم الأتقاني مستندا إلى ما في شرح السرخسي ، لأن حق وارثه هنا معتبر بسبب الأمان ، ولو كان له وارث آخر ثمة شارك الحاضر ولم يكن للموصى له إلا الثلث ا هـ ( قوله كذا في الوقاية ) كان ينبغي ذكره عقب قوله لا وارث له هنا ليشير به إلى مخالفة الزيلعي كما ذكرنا ( قوله ولا عبرة بمن ثمة ) أي بورثته الذين هناك : أي في دار الحرب ، أي لا يراعى حقهم في إبطال الزائد على الثلث ( قوله ورد باقيه لورثته ) مراعاة لحقه أي لا لحقهم ، فمن حقه تسليم ماله إلى ورثته إذا فرغ من حاجته وتصرفه إتقاني ( قوله لا إرثا إلخ ) كذا في المنح أول الوصايا ، وهو نفي لما يتوهم من قوله لورثته ، وبيان للفرق بين هذه المسألة والتي قبلها ، فإنه هناك لم يرد ما زاد على الثلث إلى ورثته لأن له مستحقا وهو الموصى له بالكل ( قوله وكذا ) أي تصح ( قوله لما قلنا ) من أنه لا عبرة بورثته ثمة إلخ ( قوله على الأظهر ) مقابله ما عن الشيخين من عدم الجواز لأنهم في دارهم حكما حتى يمكن من الرجوع إليها فصارت كالإرث . ووجه الأول أنها تمليك مبتدأ ولهذا تجوز للذمي والعبد بخلاف الإرث زيلعي [ ص: 698 ] قوله وصاحب الهوى ) .

قال السيد الجرجاني في تعريفاته : أهل الهوى أهل القبلة الذين لا يكون معتقدهم معتقد أهل السنة ، وهم الجبرية والقدرية والروافض والخوارج والمعطلة والمشبهة ، وكل منهم اثنتا عشرة فرقة فصاروا اثنين وسبعين ( قوله إذا كان لا يكفر ) أي به فحذف الجار لظهوره ط ( قوله فتكون موقوفة ) أي إن أسلم نفذت ، وإن مات على ردته بطلت كسائر تصرفاته




الخدمات العلمية