الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( سمع ) الصائد ( حس إنسان ، أو غيره من الأهليات ) [ ص: 475 ] كفرس وشاة ( فرمى إليه فأصاب صيدا لم يحل بخلاف ما إذا سمع حس أسد ) أو خنزير ( فرمى إليه ) وأرسل كلبه ( فإذا هو صيد حلال الأكل حل ) ولو لم يعلم أن الحس حس صيد أو غيره لم يحل جوهرة ، لأنه إذا اجتمع المبيح والمحرم غلب المحرم .

التالي السابق


( قوله سمع حس إنسان ) أي صوته ، وظاهره أنه حين الرمي يعلم أنه حس إنسان ، والحكم فيه كما ذكره هنا كما في البدائع . وفرض المسألة في الهداية فيما إذا سمع حسا ظنه حس صيد فرماه ثم تبين أنه حس إنسان أو صيد فلا مخالفة [ ص: 475 ] بينهما كما قد يتوهم ( قوله كفرس وشاة ) وطير مستأنس وخنزير أهلي ، فالمراد كل ما لا يحل بالاصطياد ( قوله فأصاب صيدا لم يحل ) لأن الفعل ليس باصطياد ، ولو أصاب المسموع حسه وقد ظنه آدميا فإذا هو صيد يحل لأنه لا معتبر بظنه مع تعيينه هداية . وذكر في المنتقى بالنون أنه لا يحل أيضا لأنه رماه وهو لا يريد الصيد . ثم قال : ولا يحل الصيد إلا بوجهين : أن يرميه وهو يريد الصيد ، وأن يكون الذي أراده وسمع حسه ورمى إليه صيدا ، سواء كان مما يؤكل أو لا . قال الزيلعي : وهذا يناقض ما في الهداية ، وهذا أوجه ثم ذكر أن لأبي يوسف فيه قولين : في قول يحل ، وفي قول لا يحل . وقال : فيحمل ما في الهداية على رواية أبي يوسف ا هـ .

أقول : ما في الهداية أقره شراحها ومشي عليه في الملتقى وكذا في البدائع ، وقال : نظيره ما إذا قال لامرأته وأشار إليها : هذه الكلبة طالق أنها تطلق ويبطل الاسم ا هـ . وفي التتارخانية وغيرها : وإن أرسل إلى ما يظن أنه شجرة أو إنسان فإذا هو صيد يؤكل هو المختار ا هـ فالمختار ما في الهداية ( قوله بخلاف ما إذا سمع حس أسد أو خنزير ) أي متوحش والمراد كل ما يحل اصطياده . واستثنى في النهاية ما لو كان المسموع حسه جرادا أو سمكا فأصاب غيرهما لا يؤكل ، لأن الذكاة لا تقع عليهما فلا يكون الفعل ذكاة . واعترضه الزيلعي بما في الخانية : لو رمى إلى جراد أو سمكة وترك التسمية فأصاب طائرا أو صيدا آخر فقتله يحل أكله . وعن أبي يوسف روايتان ، والصحيح أنه يؤكل ا هـ .

أقول : لكن قول الخانية وترك التسمية ومثله في البزازية مشكل ، وقد ذكر المسألة في التتارخانية وقال : والمختار أنه يؤكل ، ولم يذكر قوله وترك التسمية ، ورأيت بعض العلماء قيده بقوله أي ناسيا وهو قيد لازم فتأمل ( قوله فرمى إليه ) أي وأصاب صيدا آخر غير ما سمعه ( قوله أو أرسل كلبه ) أشار إلى أن الإرسال كالرمي ، وقول الزيلعي : والبازي والفهد في جميع ما ذكرنا كالكلب صوابه كالرمي ( قوله حل ) أي الصيد المصاب لوقوع الفعل اصطيادا فصار كأنه رمى إلى صيد فأصاب غيره هداية ملخصا ( قوله لم يحل ) أي المصاب ، كما لو رمى إلى بعير لا يدري أهو ناد أو لا فأصاب صيدا لا يحل المصاب لأن الأصل الاستئناس ، بخلاف ما لو رمى إلى طائر لا يدري أهو وحشي أو لا فأصاب صيدا غيره حل لأن الظاهر فيه التوحش ، فيحكم على كل بظاهر حاله كما في الهداية




الخدمات العلمية