الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 278 ] ( وكذا ) صحت ( لو كان الأرض والبذر لزيد والبقر والعمل للآخر ) أو الأرض له والباقي للآخر ( أو العمل له والباقي للآخر ) فهذه الثلاثة جائزة ( وبطلت ) في أربعة أوجه ( لو كان الأرض والبقر لزيد ، أو البقر والبذر له والآخران للآخر ) أو البقر أو البذر له ( والباقي للآخر ) ، فهي بالتقسيم العقلي سبعة أوجه ; لأنه إذا كان من أحدهما أحدها والثلاثة من الآخر ، فهي أربعة ، وإذا كان من أحدهما اثنان واثنان من الآخر فهي ثلاثة ، ومتى دخل ثالث ، فأكثر بحصة فسدت ، وإذا صحت ، فالخارج على الشرط ولا شيء للعامل إن لم يخرج شيء [ ص: 279 ] في الصحيحة

التالي السابق


( قوله وكذا صحت إلخ ) هذه الجمل من جملة شروطها زيلعي ( قوله فهذه الثلاثة جائزة ) ; لأن من جوزها إنما جوزها على أنها إجارة ، ففي الأولى يكون رب البذر والأرض مستأجرا للفاعل وبقره تبعا له لاتحاد المنفعة ; لأن البقر آلة له ; كمن استأجر خياطا ليخيط له بإبرته ، وفي الثانية يكون رب البذر مستأجرا للأرض بأجر معلوم من الخارج ، فتجوز كاستئجارها بدراهم في الذمة وفي الثالثة يكون مستأجرا للعامل وحده . والأصل فيها أن صاحب البذر هو المستأجر ، وتخرج المسائل على هذا كما رأيت زيلعي ملخصا ، وقد نظمت هذه الثلاثة في بيت واحد فقلت : أرض وبذر كذا أرض كذا عمل من واحد ذي ثلاث كلها قبلت ( قوله وبطلت في أربعة أوجه إلخ ) أما الأول ; فلأن رب البذر استأجر الأرض ، واشتراط البقر على صاحبها مفسد للإجارة ، إذ لا يمكن جعل البقر تبعا للأرض لاختلاف المنفعة ; لأن الأرض للإنبات والبقر للشق ، وأما الثاني ; فلأن الأرض لا يمكن جعلها تبعا لعمله كذلك .

وأما الثالث فقالوا هو فاسد وينبغي أن يجوز قياسا على العامل وحده أو الأرض وحدها .

والجواب أن القياس أن لا تجوز المزارعة لما فيها من الاستئجار ببعض الخارج ، وإنما ترك بالأثر وهو ورد في استئجار العامل أو الأرض فيقتصر عليه .

وأما الرابع فلما ذكرنا في الثاني زيلعي ملخصا .

وفي اليعقوبية : ما صدر فعله عن القوة الحيوانية جنس ، وما صدر عن غيرها جنس آخر ا هـ .

وفي الكفاية : واعلم أن مسائل المزارعة في الجواز والفساد مبنية على أصل وهو أنها تنعقد إجارة وتتم شركة ، وإنما تنعقد إجارة على منفعة الأرض أو العامل ، ولا تجوز على منفعة غيرهما من بقر وبذر ا . هـ . وقد جمعت هذه الأربعة في بيت أيضا فقلت : والبذر مع بقر أو لا كذا بقر
لا غير أو مع أرض أربع بطلت ( قوله فهي بالتقسيم العقلي سبعة أوجه ) الحصر صحيح بناء على أن بعض الأربعة من واحد والباقي من آخر ، أما لو كان بعضها من واحد والباقي منهما فهي أكثر من سبعة كما لا يخفى بقي الكلام في حكم ما عدا هذه السبعة ، وقد ذكر له البزازي ضابطا فقال : كل ما لا يجوز إذا كان من واحد لا يجوز إذا كان من اثنين ، وفرع عليه ما لو أخذ رجلان أرض رجل على أن يكون البذر من أحدهما والبقر والعمل من آخر لا يصح ا . هـ .

أي ; لأن الأرض هنا منهما ، ولو كانت من أحدهما لا يصح ونقل هذا الضابط الرملي وقال : وبه تستخرج الأحكام ، مثلا إذا كان البذر مشتركا ، والباقي من واحد لا يجوز ; لأنه لو كان من واحد لا يجوز ، فكذا إذا كان منهما ومثله إذا كان الكل مشتركا ، لكن في هاتين الصورتين يكون الخارج بينهما على قدر بذرهما ولا أجر للعامل لعمله في المشترك ، فافهم واستخرج بقية الأحكام بفهمك ا . هـ . ويأتي في عبارة المتن ما هو من هذا النوع أقول : وقد ذكر القهستاني ما يخالف هذا الضابط فراجعه متأملا ( قوله فهي ثلاثة ) ; لأن الأرض إما أن يكون معها البذر أو البقر أو العمل والباقيان من الآخر ا . هـ .

ط ( وقوله ومتى دخل ثالث فأكثر بحصة فسدت ) قال في الخانية : [ ص: 279 ] لو اشترك ثلاثة أو أربعة ومن البعض البقر وحده أو البذر وحده فسدت ، وكذا لو من أحدهم البذر فقط أو البقر ; لأن رب البذر مستأجر للأرض ، فلا بد من التخلية بينه وبينها وهي في يد العامل لا في يده ا . هـ .

وعد في جامع الفصولين من الفاسدة ما لو كان البذر لواحد ، والأرض لثان ، والبقر لثالث ، والعمل لرابع أو البذر والأرض لواحد والبقر لثان والعمل لثالث ; لأن استئجار البقر ببعض الخارج لم يرد به أثر ، فإذا فسدت في حصة البقر تفسد في الباقي ، وعندهما فساد البعض لا يشيع في الكل ، وتمامه في الفصل الثلاثين ، وفي البزازية : دفع إليه أرضا ليزرعها ببذره وبقره ، ويعمل هذا الأجنبي على أن الخارج بينهم أثلاثا لم يجز بينهما وبين الأجنبي ، ويجوز بينهما وثلث الخارج لرب الأرض ، والثلثان للعامل وعلى العامل أجر مثل عمل الأجنبي ، ولو كان البذر من رب الأرض جاز بين الكل ا . هـ .

وبه يظهر ما في كلام الشارح من الإجمال ( قوله في الصحيحة ) يأتي محترزه قريبا ولكن يغني عنه قوله وإذا صحت ، وإنما لم يكن له شيء ; لأنه يستحقه شركة ولا شركة في غير الخارج ، بخلاف ما إذا فسدت ; لأن أجر المثل في الذمة ولا تفوت الذمة بعدم الخارج هداية .




الخدمات العلمية