الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا انتفاع به مطلقا ) لا باستخدام ، ولا سكنى ولا لبس ولا إجارة ولا إعارة ، سواء كان من مرتهن أو راهن ( إلا بإذن ) كل للآخر ، وقيل لا يحل للمرتهن لأنه ربا ، وقيل إن شرطه كان ربا وإلا لا .

وفي الأشباه والجواهر : أباح الراهن للمرتهن أكل الثمار أو سكنى الدار أو لبن الشاة المرهونة فأكلها [ ص: 483 ] لم يضمن وله منعه ، ثم أفاد في الأشباه أنه يكره للمرتهن الانتفاع بذلك ، وسيجيء آخر الرهن .

( ماتت الشاة في يد المرتهن قسم الدين على قيمة الشاة ولبنها الذي شربه ، فحظ الشاة يسقط وحظ اللبن يأخذه المرتهن ، فلو فعل ) الانتفاع قبل إذنه ( صار متعديا ولم يبطل ) الرهن ( به ) .

التالي السابق


( قوله ولا إجارة ) فلو أجره المرتهن بلا إذن فالأجرة له كما سيذكره آخر الرهن مع بقية فروعه ( قوله ولا إعارة ) سيذكر في باب التصرف في الرهن أحكام إعارته من الراهن أو من أجنبي بإذن أو بدونه ( قوله سواء كان ) أي الانتفاع ( قوله من مرتهن أو راهن ) الأول مصرح به في عامة المتون ، والثاني صرح به في درر البحار وشرح مختصر الكرخي وشرح الزاهدي وفيه خلاف الشافعي فعنده يجوز له الانتفاع بغير الوطء ، والأول لا خلاف فيه كما في غرر الأفكار .

بقي لو سكن في دار الرهن هل تلزمه أجرة ؟ أجاب في الخيرية أنه لا تلزمه مطلقا أذن الراهن أو لا معدة للاستغلال أو لا ، ومثله في البزازية .

وأجاب في الخيرية بذلك أيضا لو كانت ليتيم ، وقد مر ذلك آخر الغصب فراجعه ( قوله إلا بإذن ) فإذا انتفع المرتهن بإذن الراهن وهلك الرهن حالة استعماله يهلك أمانة بلا خلاف ، أما قبل الاستعمال أو بعده يهلك بالدين ، ولو كان أمة لا يحل وطؤها لأن الفرج أشد حرمة ، لكن لا يحد بل يجب العقر عندنا معراج ( قوله وقيل لا يحل للمرتهن ) قال في المنح : وعن عبد الله بن محمد بن أسلم السمرقندي وكان من كبار علماء سمرقند أنه لا يحل له أن ينتفع بشيء منه بوجه من الوجوه وإن أذن له الراهن ، لأنه أذن له في الربا لأنه يستوفي دينه كاملا فتبقى له المنفعة فضلا فيكون ربا ، وهذا أمر عظيم .

قلت : وهذا مخالف لعامة المعتبرات من أنه يحل بالإذن إلا أن يحمل على الديانة ، وما في المعتبرات على الحكم ثم رأيت في جواهر الفتاوى : إذا كان مشروطا صار قرضا فيه منفعة وهو ربا وإلا فلا بأس ا هـ ما في المنح ملخصا وأقره ابنه الشيخ صالح .

وتعقبه الحموي بأن ما كان ربا لا يظهر فيه فرق بين الديانة والقضاء .

على أنه لا حاجة إلى التوفيق بعد لأن الفتوى على ما تقدم : أي من أنه يباح .

أقول : ما في الجواهر يصلح للتوفيق وهو وجيه ، وذكروا نظيره فيما لو أهدى المستقرض للمقرض ، إن كانت بشرط كره وإلا فلا ، وما نقله الشارح عن الجواهر أيضا من قوله لا يضمن يفيد أنه ليس بربا ، لأن الربا مضمون فيحمل على غير المشروط وما في الأشباه من الكراهة على المشروط ، ويؤيده قول الشارح الآتي آخر الرهن إن التعليل بأنه ربا يفيد أن الكراهة تحريمية فتأمل . وإذا كان مشروطا ضمن كما أفتى به في الخيرية فيمن رهن شجر زيتون على أن يأكل المرتهن ثمرته نظير صبره بالدين .

قال ط : قلت والغالب من أحوال الناس أنهم إنما يريدون عند الدفع الانتفاع ، ولولاه لما أعطاه الدراهم وهذا بمنزلة الشرط ، لأن المعروف كالمشروط وهو مما يعين المنع ، والله تعالى أعلم ا هـ .

[ فائدة ] قال في التتارخانية ما نصه : ولو استقرض دراهم وسلم حماره إلى المقرض ليستعمله إلى شهرين حتى يوفيه دينه أو داره ليسكنها فهو بمنزلة الإجارة الفاسدة ، إن استعمله فعليه أجر مثله ولا يكون رهنا ا هـ .

وقدمناه في الإجارات فتنبه ( قوله فأكلها ) سيأتي آخر الرهن عن فتاوى المصنف أن الظاهر أن الأكل يشمل أكل ثمنها [ ص: 483 ] قوله لم يضمن ) أي ولا يسقط شيء من دينه قنية يعني إذا لم يهلك الأصل كما يأتي بيانه ( قوله وسيجيء ) أي هذا البحث بزيادة بيان ( قوله ماتت الشاة إلخ ) يوجد في بعض النسخ متنا وسقط من بعضها ولم يكتب عليه المصنف ( قوله الذي شربه ) أي بإذن الراهن كما صرح به في الولوالجية فافهم . ( قوله وحظ اللبن يأخذه المرتهن ) أي يأخذه من الراهن ، لما سيأتي أن نماء الرهن رهن مع الأصل ولما أتلفه المرتهن بإذن الراهن صار كأن الراهن أتلفه فيكون مضمونا عليه فكان له حصة من الدين وهذا معنى قولنا آنفا يعني إذا لم يهلك الأصل ، وسيأتي تمام بيان ذلك آخر الرهن إن شاء الله تعالى ( قوله صار متعديا ) فيضمنه كالغصب ، ولو عاد إلى الوفاق عاد رهنا ويأتي تمامه




الخدمات العلمية