الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) صح ( برأس مال السلم وممن الصرف والمسلم فيه ، فإن هلك ) الرهن ( في المجلس ) ثم الصرف والسلم [ ص: 495 ] و ( صار ) المرتهن ( مستوفيا ) حكما خلافا للثلاثة ( وإن افترقا قبل نقد وهلاك بطلا ) أي السلم والصرف ، وأما المسلم فيه فيصح مطلقا ، فإن هلك الرهن ثم العقد وصار عوضا للمسلم فيه ( ولو ) لم يهلك ولكن ( تفاسخا السلم ، وبالمسلم فيه رهن فهو رهن برأس المال ) استحسانا لأنه بدله فقام مقامه ( وإن هلك ) الرهن ( بعد الفسخ ) المذكور ( هلك به ) أي بالمسلم فيه فيلزم رب السلم دفع مثل المسلم فيه لبقاء الرهن حكما إلى أن يهلك .

التالي السابق


( قوله وصح برأس مال السلم إلخ ) صورة هذه المسائل أن يسلم مائة بطعام مثلا أو يبيع دينارا بدرهم ثم قبل القبض يدفع إلى المسلم إليه رهنا بالمائة أو يأخذ رهنا بالدرهم أو بالطعام .

وصور الأولى بعضهم بأن يأخذ المسلم من المسلم إليه رهنا برأس المال الذي دفعه إليه .

ويظهر لي أن الصواب ما صورته لأنه إذا هلك الرهن في المجلس يصير المسلم مستردا لرأس المال فكيف يقال : إن العقد يتم بذلك ، وإن افترقا قبل الهلاك بطل تأمل . ( قوله فإن هلك إلخ ) بيان لفائدة الرهن بالأشياء المذكورة عيني .

وأفاد القهستاني أن المراد هلك الرهن برأس المال أو بثمن الصرف دون المسلم فيه لمنافاته لقوله بعده وإن افترقا إلخ لأن المسلم فيه يصح مطلقا . [ ص: 495 ]

أقول : ولهذا ذكر في الدرر مسألة المسلم فيه مؤخرة وحدها ( قوله وصار المرتهن مستوفيا ) أي لرأس المال أو ثمن الصرف أو المسلم فيه ا هـ ط عن الشمني ، ومثله قول أبي السعود عن الحموي .

والمراد بالمرتهن هو المسلم إليه في الأول وأحد عاقدي الصرف في الثانية ورب المال في الثالثة ا هـ ملخصا .

أقول : لا دخل للثالثة هنا كما علمت ثم إن تفسير المرتهن بالمسلم إليه في الأول مؤيد لما صورنا به المسألة سابقا .

هذا وأفاد القهستاني أن ما ذكر من أنه صار مستوفيا إنما هو لو كانت قيمة الرهن مساوية لرأس المال وثمن الصرف ، فإن كانت أقل لم يصح إلا بقدره ( قوله قبل نقد وهلاك ) أي قبل نقد المرهون به وقبل هلاك الرهن ( قوله بطلا ) لعدم القبض حقيقة ولا حكما .

قال في الجوهرة : وعليه رد الرهن ، فإن هلك في يده قبل الرد هلك برأس المال لأنه صار مستوفيا لرأس المال بهلاك الرهن بعد بطلان عقد السلم ولا ينقلب السلم جائزا ( قوله فيصح مطلقا ) أي ولو بعد الافتراق لأن قبضه لا يجب في المجلس زيلعي ( قوله وصار عوضا للمسلم فيه ) أي صار مستوفيا للمسلم فيه ويكون في الزيادة أمينا ، وإن كانت قيمته أقل صار مستوفيا بقدرها جوهرة ( قوله ولو لم يهلك ) معطوف على قوله في الشرح فإن هلك . ( قوله فقام مقامه ) فصار كالمغصوب إذا هلك وبه رهن يكون رهنا بقيمته هداية ( قوله هلك به ) لأنه رهنه به ، وإن كان محبوسا بغيره كمن باع عبدا وسلم المبيع وأخذ بالثمن رهنا ثم تقايلا البيع له أن يحبسه لأخذ المبيع لأنه بدل الثمن ، ولو هلك المرهون يهلك بالثمن لأنه مرهون به زيلعي . ( قوله فيلزم إلخ ) أي إذا هلك الرهن بالمسلم فيه في مسألتنا يجب على رب السلم أن يدفع مثل المسلم فيه إلى المسلم إليه ويأخذ رأس المال لأن الرهن مضمون به ، وقد بقي حكم الرهن إلى أن يهلك فصار رب السلم بهلاك الرهن مستوفيا للمسلم فيه ، ولو استوفاه حقيقة ثم تقايلا أو استوفاه بعد الإقالة لزمه رد المستوفى وارتداد رأس المال فكذا هنا زيلعي




الخدمات العلمية