الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قيل بالأول : إن الضمان واجب ، ضمنت الأموال بالغرم ، فأما النفوس فإن كانت خطأ أو عمد الخطأ ضمنت عاقلة القاتل الدية دون القاتل .

                                                                                                                                            وإن كانت عمدا محضا ففي ضمانها بالقود وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : تضمن بالقود : لأنها تضمن في الحرب كما تضمن في غيره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها تضمن بالدية دون القود : لأنها حال شبهة تدرأ بها الحدود ، وتكون الدية في مال القاتل .

                                                                                                                                            وإن قيل بالقول الثاني : في سقوط الضمان ، سقط ضمان ما تلف من الأموال ، ووجب رد ما بقي منها .

                                                                                                                                            فأما إن أتلف عليهم بغير قتال ، نظر حال متلفه :

                                                                                                                                            فإن قصد بما أتلفه منها إضعافهم وهزيمتهم لم يضمنها .

                                                                                                                                            وإن قصد به التشفي والانتقام ضمنها ، وصارت كالمستهلك عليهم في غير القتال .

                                                                                                                                            وأما النفوس : فمن قتل في القتال لم يضمن في عمد ولا خطأ بقود ولا دية ، وفي ضمانه بالكفارة وجهان محتملان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو الأصح ، أنه غير مضمون بالكفارة ، كما كان غير مضمون بقود ولا دية .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يضمن بالكفارة : لأنها من حقوق الله تعالى فتأكدت على حقوق الآدميين ، وكما يضمن نفس المسلم في دار الحرب بالكفارة دون الدية .

                                                                                                                                            ومن قتل منهم وهو معتزل عن صفوف الحرب :

                                                                                                                                            فإن كان ردءا لهم وعونا : سقط ضمان نفسه كالمقاتلة .

                                                                                                                                            وإن لم يكن ردءا ولا عونا : خرج عن حكم المقاتلة وضمنت نفسه بالدية ، وفي ضمانها بالقود وجهان على ما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية