الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن ادعى وليه على أهل المحلة لم يحلف إلا من أثبتوه بعينه ، وإن كانوا ألفا فيحلفون يمينا يمينا : لأنهم يزيدون على خمسين [ ص: 57 ] فإن لم يبق منهم إلا واحد حلف خمسين يمينا وبرئ . فإن نكلوا حلف ولاة الدم خمسين يمينا ، واستحقوا الدية في أموالهم إن كان عمدا وعلى عواقلهم في ثلاث سنين إن كان خطأ . ( قال ) : وفي ديات العمد على قدر حصصهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضى الكلام في شروط القسامة .

                                                                                                                                            فأما دعوى الدماء في غير القسامة فمعتبرة بشرطين : أحدهما : أن تكون على معين ، فإن لم يعين القاتل وادعى قتله على قوم من أهل المحلة لم يسمع .

                                                                                                                                            والشرط الثاني : أن تعين على عدد يمكن اشتراكهم في القتل ، فإن عين على عدد لا يمكن اشتراكهم لم يسمع ، فإذا عينها على من يمكن اشتراكهم فيه حلفوا وبرئوا .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا اعتبار بهذه الشروط ، ويجوز أن يدعي قتله على غير معينين وعلى من لا يمكن اشتراكهم فيه ، فإذا ادعى قتله على قوم من أهل محلة أو قرية اختار منهم خمسين رجلا وأحلفهم ، فإذا حلفوا أوجب الدية على عواقلهم ، فخالف أصول الشرع في خمسة أحكام :

                                                                                                                                            أحدها : سماع الدعوى على غير معين .

                                                                                                                                            والثاني : سماعها على من لا يصح منهم الاشتراك فيه .

                                                                                                                                            والثالث : أن جعل للمدعي اختيار خمسين ممن شاء منهم ، وإن علم أنهم غير قتلة .

                                                                                                                                            والرابع : إحلافهم وإن علم صدقهم .

                                                                                                                                            والخامس : إلزامهم الدية بعد أيمانهم ، وكفى بمخالفة الأصول فيها دفعا لقوله . وقد ذكرنا من الدليل على فساد كل أصل منها ما أقنع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية