الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا تماثل قطع القصاص وقطع الحرابة في الأطراف ، فقطع المحارب اليد اليمنى والرجل اليسرى ، وأخذ المال فوجب به قطع يده اليمنى ورجله اليسرى . فإن قيل : إن قطعه في القصاص منحتم ؛ روعي أسبق الأمرين ، فإن تقدم قطع المال على قطع القصاص ، قطع قصاصا وسقط قطع المال : لتقدم حق الآدمي في الدم على حق الله تعالى فيه . وإن تقدم قطع القصاص على قطع المال ، فقطع قصاصا ولم يسقط قطع المال ، فلم يعدل فيه إلى قطع يده اليسرى ورجله اليمنى ، كمن أخذ المال وليس له يد يمنى ولا رجل يسرى : لأن استحقاق القصاص فيها حتم ، فصار كعدمهما ، فعدل في قطع المال إلى غيرهما . ولو تقدم استحقاق قطعهما للمال لم يعدل فيه إلى غيرهما : لأنه ما وجب ابتداء إلا فيهما . وإن قيل : إن قطع القصاص غير منحتم . خير وليه بين القصاص والعفو ، فإن عفا عنه قطع للمال ، وإن لم يعف عنه قطع قصاصا ، وسقط قطع المال ، سواء تقدم استحقاقه أو تأخر : لأن قطع المال ورد على طرف يجوز أن يقطع فيه إذا لم ينحتم أخذه في غيره ، فلم يجز أن يعدل فيه إلى غيره . وإذا انحتم لم يجز أن يقطع فيه ، فجاز العدول إلى غيره . ولو قطع المحارب اليد اليمنى ، ثم أخذ المال ، قطعت يمناه قصاصا ، وصار بعد قطعها فيه كمن ذهبت يمناه بأكلة ، فهل [ ص: 368 ] يجزئ في قطع المال أن يقتصر على قطع رجله اليسرى أم لا ؟ على وجهين مضيا : أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني ، يجزئ أن يقتصر عليها وحدها . والوجه الثاني : وهو أصح ، أنه لا يجزئ ويعدل عنها إلى قطع يده اليسرى ورجله اليمنى ، كمن ذهب يده اليمنى ورجله اليسرى . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية