الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن أخرجه من البيت والحجرة إلى الدار ، والدار للمسروق منه وحده ، لم يقطع حتى يخرجه من جميع الدار : لأنها حرز لما فيها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا كان المتاع محرزا في حجرة في دار خاصة ، أو في بيت في الدار ، فأخرجه إلى صحن الدار ، فالحكم في الحجرة والبيت سواء ، وإذا كان كذلك لم يخل باب الحجرة والدار من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونا مفتوحين ، فلا قطع عليه : لأنه يفتح الباب غير محرز .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون باب الدار مغلقا وباب الحجرة مفتوحا ، فلا قطع عليه : لأن جميع الدار حرز فصار ناقلا له في الحرز من مكان إلى مكان ، لكن يلزمه الضمان : لأن إخراجه عدوان .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون باب الدار مفتوحا وباب الحجرة مغلقا ، فعليه القطع : لأن الحرز هو الحجرة دون الدار .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن يكون باب الحجرة مغلقا ، وباب الدار مغلقا ، ففي قطعه إذا أخرجه من الحجرة أو البيت المغلق إلى الدار وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يقطع : لأنها بالغلق تصير هي الحرز .

                                                                                                                                            [ ص: 292 ] والوجه الثاني : وهو أصح ، لا يقطع : لأن الدار المفردة حرز لجميع ما فيها ، وغلق الحجرة يجري مجرى غلق الصندوق ، ولا يقطع بإخراجه من الصندوق إلى الحجرة ، كذلك لا يقطع بإخراجه من الحجرة إلى الدار ، ويكون كما لو رفع السرقة من قرار الدار إلى غرفها ، أو حطها من غرفها إلى قرارها لم يقطع : لأن جميع السفل والعلو حرز واحد ، فإن أصعد بالسرقة من الدار إلى سطحها نظر : فإن كان على السطح ممرق يعلق على السفل قطع : لأن خروجه من الممرق كخروجه من الباب : لأن الممرق أحد البابين ، وإن لم يكن على السطح سرق يعلق نظر ، فإن كان السطح عاليا عليه سترة مبينة تمنع من الوصول إليه لم يقطع : لأنه من جملة الحرز ، وإن كان بخلاف ذلك قطع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية