الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وقال تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة [ النساء : 92 ] يعني في قوم في دار حرب خاصة ، ولم يجعل له قودا ولا دية إذا قتله وهو لا يعرفه مسلما ، وذلك أن يغير أو يقتله في سرية أو يلقاه منفردا بهيئة المشركين وفي دارهم أو نحو ذلك " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، ذكر الله تعالى في هذه الآية أحكام القتل في ثلاثة أحكام ، أوجب فيهم ديتين وثلاث كفارات : [ ص: 65 ] أحدها : وهو المقدم فيها قتل المؤمن في دار الإسلام فأوجب فيه الدية والكفارة بقوله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا وقد استوفيناه .

                                                                                                                                            والثاني : قتل المؤمن في دار الحرب ، فأوجب فيه الكفارة ولم يوجب فيه الدية ، بقوله تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ، ومعناه : فإن كان من قوم من أعدائكم مؤمن قتلتموه بينهم ، فتحرير رقبة تلزمكم في قتله .

                                                                                                                                            ولا يخلو حال قتله فيهم من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعلم قاتله أنه مسلم وتعمد قتله ، فعليه القود .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا قود عليه : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : منعت دار الإسلام ما فيها ، وأباحت دار الشرك ما فيها ، ولأنه مقتول في دار الحرب فلم يستحق فيه قود كأهل الحرب .

                                                                                                                                            ودليلنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله حرم من المسلم ماله ودمه ، وأن لا يظن به إلا خيرا ، ولأنه عامد لقتل مسلم محقون الدم فوجب أن يلزمه القود كما لو قتله في دار الإسلام . والجواب عن الخبر والقياس أن دار الشرك لم تبح دمه ، وأباحت دم المشرك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية