الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو جعل في داره كلبا عقورا أو حبالة ، فدخل إنسان فقتله لم يكن عليه شيء . ( قال المزني ) : وسواء عندي أذن له في الدخول أو لم يأذن له " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : فقد مضت مثل هذه المسألة في حفر البئر في داره ، فإذا ربط في داره سبعا أو كلبا عقورا ، أو نصب فيها أحبولة أو شركا ، فدخل إليها من هلك بها فله ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يدخلها بغير إذن مالكها ، فنفسه هدر لتعديه بالدخول .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكرهه رب الدار على الدخول فيها فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يتصل الإكراه بالتلف فيكون مضمونا بالدية على المكره : لتعديه بالإكراه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن لا يتصل الإكراه بالتلف ، ففي استصحاب حكمه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مستصحب الحكم إلى التلف ، فعلى هذا : يكون مضمونا على المكره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : قد زال حكمه بانقطاعه ، فيكون كغير المكره .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يأذن ولا يكره ، فإن علم الداخل بالحال ، أو كان الموضع مضيئا والداخل بصيرا ، أو كان التحرز من ذلك ممكنا ، فلا ضمان فيه ، ونفس الداخل [ ص: 475 ] هدر ، وإن لم يعلمه بالحال ، وكان الموضع مظلما ، أو كان الداخل ضريرا ، ففي وجوب الضمان قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو المنصوص عليه في هذا الموضع لا ضمان عليه : لأنه غير متعد بالسبب ، ولا مباشر للتلف .

                                                                                                                                            والقول الثاني : عليه الضمان ، فخرج من اختلاف قوليه فيمن سم طعاما وأذن في أكله : لأنه متسبب لما يخفى تلفه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية