الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال القاذف للمقذوف : إنه عبد . فعلى المقذوف البينة : لأنه يدعي الحد وعلى القاذف اليمين : لأنه ينكر الحد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا كان المقذوف لقيطا أو مجهول النسب فادعى أنه حر ليحد قاذفه ، وأنكر القاذف حريته ، وقال : أنت عبد . فلا حد لك علي ، فقد ذكرنا في كتاب اللقيط اختلاف قول الشافعي في حكم اللقيط ، فأحد قوليه : إنه مجهول الأصل . [ ص: 361 ] والثاني : أنه حر في الظاهر .

                                                                                                                                            فإن قيل : إنه مجهول الأصل . كان القول قول قاذفه مع يمينه أنه عبد ، إلا أن يقيم المقذوف البينة أنه حر .

                                                                                                                                            فإن قيل : إنه حر في الظاهر . ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن القول قول المقذوف مع يمينه أنه حر اعتبارا بالظاهر من حاله ، إلا أن يقيم القاذف البينة أنه عبد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن القول قول قاذفه أيضا : لأن حدود الأبدان موضوعة على إدرائها بالشبهة ، وهو المنصوص عليه في القذف أن القول قول القاذف دون المقذوف .

                                                                                                                                            وقال في كتاب الجنايات : إذا قال الجاني وهو حر : إن المجني عليه عبد . فلا قود له ، وقال المجني عليه : أنا حر فلي القود . أن القول قول المجني عليه دون الجاني ، فخالف بين القذف والجناية ، فاختلف أصحابنا على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن نقلوا كل واحد من الجوابين إلى الآخر وخرجوا القذف والجناية على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن القول قول القاذف والجاني مع يمينه أنه عبد ، ولا حد عليه في القذف ، ولا قود عليه في الجناية .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن القول قول المقذوف والمجني عليه أنه حر ، وله الحد في القذف والقود في الجناية .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه ليس ذلك على اختلاف قولين ، والجواب على ظاهره في الموضعين ، فيكون القول في القذف قول القاذف دون المقذوف ، وفي الجناية القول قول المجني عليه دون الجاني . والفرق بينهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن سقوط الحد يوجب الانتقال إلى رادع من جنسه وهو التعزير ، فجاز أن يسقط ، وليس كذلك القول : لأنه إذا أسقط لم يوجب الانتقال إلى رادع من جنسه فلذلك لم يسقط .

                                                                                                                                            والثاني : أن التعزير بعد سقوط الحد يقين : لأنه بعض الحد ، والدية بعد سقوط الحد شك ، فجاز الانتقال إلى يقين ، ولم يجز الانتقال إلى شك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية