الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن لا يعلم قاتله أنه مسلم ، ولا يعمد قتله ولكن يرمي إلى دار الحرب سهما مرسلا فيقع عليه فيقتله ، فهو المراد بالآية ، وفي قتله الكفارة . واختلفوا في وجوب الدية ، فذهب الشافعي : إلى أنه لا تجب فيه الدية .

                                                                                                                                            وقال مالك : تجب فيه الدية .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن كان في دار الإسلام أو هاجر إليها ، وجبت فيه الدية ، وإن لم يسلم فيها ولا هاجر إليها ، لم تجب فيه الدية : لثبوت حرمة الدار على المهاجر ، وعدمها في غير المهاجر . واستدلا في الجملة بقوله تعالى : ودية مسلمة إلى أهله فكان على عمومه : ولأنه مقتول مسلم فوجب أن يكون مضمونا بالدية كالمقتول في دار الإسلام . ودليلنا : قوله تعالى : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة [ النساء : 92 ] ، فكان الدليل فيها من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : اقتصاره على الكفارة ، ولو وجبت فيه الدية لذكرها .

                                                                                                                                            والثاني : أنه غاير بين قتله في دار الإسلام ودار الشرك ، ولو تساويا لأطلق ولم يغاير بينهما ، ولأنها دار إباحة لم يعمد فيها قتل مسلم ، فوجب أن لا يضمن بالقتل دية ، كما لو قتل غير مسلم ، ولأن من لم يضمن ديته إذا لم يهاجر لم يضمن ، وإن هاجر ، [ ص: 66 ] كالمشرك . وعموم الآية مخصص بما تعقبها ، وقياسه معارض لقياسنا : ولأن دار الإسلام حاظرة ، ودار المشرك مبيحة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية