الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو دخل بيته فأمره بالخروج فلم يخرج ، فله ضربه وإن أتى على نفسه . ( قال المزني ) رحمه الله : الذي عض رأسه فلم يقدر أن يتخلص من العاض ، أولى بضربه ودفعه عن نفسه وإن أتى ذلك على نفسه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن المساكن حمى ساكنيها سواء ملكوها أو استأجروها ، ولهم منع غيرهم من دخولها إلا بإذنهم : لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : لاختصاصهم بالتصرف فيها .

                                                                                                                                            والثاني : لأنها ساترة لعوراتهم ولحرمهم .

                                                                                                                                            فإن أراد أن يدخلها أجنبي ، أو مناسب ليس بذي محرم ، لم يجز إلا بإذن صريح ، سواء كان الباب مغلقا ، أو مفتوحا : لقول الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها [ النور : 127 ] وقرأ ابن [ ص: 464 ] عباس : " حتى تستأذنوا " فإن أراد أن يدخلها ذو رحم محرم فله حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يكون ساكنا فيها مع مالكها ، فلا يلزمه الاستئذان ، ولكن عليه إذا أراد الدخول أن يشعر بدخوله ، بالنحنحة ، وشدة الوطء ، وتثقيل الخطوات : ليستتر العريان ، ويفترق المجتمعان .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن لا يكون ذو المحرم ساكنا فيها ، فينظر في الباب ، فإن كان مغلقا لم يجز الدخول إلا بإذن ، وإن كان مفتوحا ففي وجوب الاستئذان وانتظار الإذن وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجب عليهم الاستئذان ، ويحرم عليهم الدخول بغير إذن : لجواز أن يكون رب الدار على عورة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الاستئذان لأجل البصر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يلتزم الاستئذان ، ويلزم الإشعار بالدخول بالنحنحة والحركة : لقول الله تعالى : ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم [ النور : 61 ] الآية ففرق الله تعالى بين ذوي المحارم وغيرهم في الإباحة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية