الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو قال الأول : قد عرفت زيدا وليس بالذي قتل مع عبد الله . وقال الآخر : قد عرفت عبد الله وليس بالذي قتل مع زيد . ففيها قولان : أحدهما : أن يكون لكل واحد القسامة على الذي ادعى عليه ويأخذ حصته من الدية . والقول الثاني : أنه ليس لواحد منهما أن يقسم حتى تجتمع دعواهما على واحد . ( قال المزني ) : قد قطع بالقول الأول في الباب الذي قبل هذا وهو أقيس على أصله : لأن الشريكين عنده في الدم يحلفان مع السبب كالشريكين عنده في المال يحلفان مع الشاهد ، فإذا أكذب أحد الشريكين صاحبه في الحق حلف صاحبه مع الشاهد واستحق ، وكذلك إذا أكذب أحد الشريكين صاحبه في الدم حلف صاحبه مع السبب واستحق " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا القول منهما تكاذب : لأن كل واحد منهما قد نفى ما أثبته الآخر . وإذا كان كذلك لم يخل حال هذا التكاذب من أن يكون قبل القسامة أو بعدها . فإن كان قبل القسامة ، ففي إبطال اللوث به قولان على ما مضى ، وإن كان بعد القسامة والحكم بالدية لم يقدح في اللوث ولم ينقض به ما تقدم من الحكم ، ويعكس [ ص: 46 ] هذا لو قال كل واحد منهما : قد عرفت الآخر ، وهو الذي قد عرفه أخي لجهلي به من قبل ومعرفتي له من بعد ، صار ذلك اتفاقا منهما على القاتلين : لأنه قد تعرف من جهل فجاز لهما أن يشتركا في القسامة عليهما ، ويأخذا من كل واحد منهما نصف الدية بينهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية