الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو شهد أحدهما أنه قتله ، والآخر أنه أقر بقتله ، لم تجز شهادتهما : لأن الإقرار مخالف للفعل " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أقام ولي الدم شاهدين ، شهد أحدهما على فعل القتل ، فقال : رأيته قتله . وشهد الآخر على الإقرار بالقتل ، قال : أقر عندي أنه قتله . لم [ ص: 80 ] تتعارض شهادتهما : لأنها غير متنافية ولم تتم الشهادة منهما : لأنها غير متماثلة : لأن فعل القتل غير الإقرار بالقتل ، ولم تكمل الشهادة على الفعل ولا على الإقرار ، فلم يجز أن يحكم عليه بواحد منها ، لكن يكون هذا لوثا يوجب القسامة قولا واحدا : لأن كل واحدة من الشهادتين مقوية للأخرى غير منافية لها ، وإذا كان كذلك لم يخل حال القتل من أن يكون عمدا أو خطأ ، فإن كان خطأ لم يحتج فيه إلى القسامة : لأنه قد تتم البينة فيه بشاهد ويمين ، فيقال لولي الدم : احلف مع أي الشاهدين شئت يمينا واحدة ، تكمل بها بينتك ويقضى لك فيها بدية الخطأ .

                                                                                                                                            وينظر فإن حلف مع الشاهد على فعل القتل كانت الدية على عاقلته ، وإن حلف مع الشاهد على إقراره بالقتل ، كانت الدية في ماله ، وإن كان القتل عمدا فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون غير موجب للقود ؛ كقتل الأب لابنه والمسلم لكافر ، فهو مختص بوجوب الدية ، ويصير كالخطأ في أن لا يحكم فيه بالقسامة : لوجود البينة مع يمين الولي مع أي الشاهدين يمينا واحدة ، ويحكم له بدية العمد في ماله ، سواء حلف مع شاهد الفعل أو مع شاهد الإقرار .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : من العمد أن يكون موجبا للقود ، فيجب الحكم فيه بالقسامة دون الشهادة : لأن الشهادة تصير لوثا ، فيحلف الولي أيمان القسامة خمسين يمينا ، ويحكم له بالقود على قوله في القديم ، وبدية العمد حالة على قوله في الجديد ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية