الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثامن في إخباره صلى الله عليه وسلم بقتل عثمان رضي الله تعالى عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي وقال : حسن عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان :

                                                                                                                                                                                                                              «لعل الله أن يقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه ، فلا تخلعه»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وقال : حسن غريب عن كليب بن وائل عن ابن عمر قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة ، فقال : «يقتل فيها هذا مظلوما ، وأشار لعثمان» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وقال : حسن صحيح عن أبي سهلة مولى عثمان رضي الله عنه قال : قال عثمان رضي الله عنه يوم الدار : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا ، فأنا صابر عليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم من آطام المدينة ، ثم قال : «هل ترون ما أرى ، إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر .

                                                                                                                                                                                                                              فوقعت فتنة ، قتلت عثمان رضي الله عنه وتتابعت الفتن إلى فتنة الحرة ، وكانت لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة وجرت فيها وقائع كثيرة موجودة في كتب التواريخ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فمر رجل فقال : «يقتل فيها هذا يومئذ ظلما» قال : فنظرت فإذا هو عثمان رضي الله عنه وقال عليه الصلاة والسلام لأبي موسى ، وهو قاعد على قف بئر أريس لما طرق عثمان رضي الله عنه الباب : «ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه» ، إشارة إلى ما يقع من استشهاده يوم الدار ، فاستشهد وبين يديه المصحف ، فنضح الدم على هذه الآية :

                                                                                                                                                                                                                              فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم [البقرة 137] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يا عثمان ، تقتل [ ص: 148 ]

                                                                                                                                                                                                                              وأنت تقرأ سورة البقرة فتقطر قطرة من دمك على فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم


                                                                                                                                                                                                                              [البقرة 137] قال الحافظ الذهبي رضي الله عنه : إنه حديث موضوع .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن منيع عن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان قالت : لما حوصر عثمان ظل يومه صائما ، فلما كان عند الإفطار سألهم الماء العذب ، فقالوا : دونك هذا الركي وإذا ركي يلقى فيها النتن فبات تلك الليلة على حاله ، لم يطعم ، فلما كان من السحر ، أتيت جارات لنا ، على أجاجير (يعني أسطحة متواصلة ) فسألتهم الماء العذب ، فجئته بكوز من ماء ، فلما نزلت إذا هو نائم ، في أسفل الدرجة ، يغط ، فأيقظته فقلت : هذا ماء عذب قد أتيتك به ، فرفع رأسه ، فنظر إلى الفجر ، فقال : أنا صائم أصبحت صائما ، فقلت ومن أين ولم أر أحدا أتاك بطعام ولا شراب ، قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علي من هذا السقف ومعه دلو من ماء فقال : «اشرب يا عثمان» ، فشربت حتى رويت ثم قال : «ازدد» ، فشربت حتى تملأت ، فقال : «إن القوم سيبكرون عليك ، فإن تركتهم أفطرت عندنا»

                                                                                                                                                                                                                              قالت : فدخلوا عليه من يومه فقتلوه
                                                                                                                                                                                                                              رضي الله عنه قال ابن لهيعة : كان عبد الرحمن بن أبي بكر صار بأهل مصر إلى عثمان فقتله ، فعرفنا بعد ذلك بعام أو عامين .

                                                                                                                                                                                                                              وأخرج أبو نعيم عن عدي بن حاتم قال : سمعت صوتا يوم قتل عثمان : «أبشر يا ابن عفان بروح وريحان .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية