الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث فيما رآه ابن زميل الجهني رضي الله تعالى عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني والبيهقي عن ابن زميل الجهني رضي الله عنه قال : رأيت رؤيا فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقون ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيناي مثله ، يرف رفيفا ، ويقطر نداه فيه من أنواع الكلاء ، فكأني بالرعلة الأولى ، حين أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا ، فكأني أنظر إليهم منطلقين ، ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ومضوا على ذلك ، ثم قدم عظم الناس ، فلما قدموا على المرج كبروا ، وقالوا : هذا خير المنزل ، فكأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا ، فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات ، وأنت في أعلاها درجة ، فإذا عن يمينك رجل آدم شثن أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا ، وإذا عن يسارك رجل سمار ربعة أحمر كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم له إكراما له ، وإذا أمامكم شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها كلهم يؤمونه يريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها ، فانتقع لون رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم سري عنه ، فقال : «أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب ، فذلك ما حملتكم عليه من الهدى ، فأنتم عليه ، وأما المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشها ، مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق بها ، ثم جاءت الرعلة الثانية بعد وهم أكثر منا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ونجوا على ذلك ، ثم جاء عظم الناس فمالوا في المرج يمينا وشمالا ، وأما أنت فمضيت على طريق صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني ، وأما المنبر الذي رأيت سبع [ ص: 233 ] درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، وأنا من آخرها ألفا ، وأما الرجل الذي رأيت عن يميني فذلك موسى إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه ، والذي رأيت عن يساري ، فذلك عيسى نكرمه لإكرام الله إياه ، وأما الشيخ فذاك أبونا إبراهيم كلنا نؤمه ونقتدي به ، وأما الناقة فهي الساعة علينا تقوم ، فلا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية