الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع في بعض آيات وقعت لسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو نعيم عن أبي عثمان النهدي ، وعن أبي بكر بن حفص بن عمر ، وعن عمير الصائدي رضي الله عنه أن سعدا لما نزل نهر شير ، وهي المدينة الدنيا ، طلب السفن ليعبر بالناس إلى المدينة القصوى ، فلم يقدر على شيء ، ووجدهم قد ضموا السفن فأقاموا بنهر شير أياما من صفر ، وفجأهم المد ، فرأى رؤيا أن خيول المسلمين اقتحمتها فغيرت ، وقد أقبلت من المد بأمر عظيم ، فعزم لتأويل رؤياه على العبور ، فجمع الناس ، وقال : إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون إليهم ، وهم يخلصون إليكم إذا شاءوا فيناوشونكم في سفنهم ، وليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه .

                                                                                                                                                                                                                              وإني قد عزمت على قطع هذا البحر عليهم ، فأجابوه فأذن للناس في الاقتحام ، وقال :

                                                                                                                                                                                                                              قولوا : نستعين بالله ، ونتوكل عليه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ثم اقتحموا دجلة وركبوا اللجة ، وإن دجلة لترمي بالزبد وإنها لمسودة ، وإن الناس ليتحدثون في عومهم ، وقد اقترنوا كما كانوا يتحدثون في مسيرهم على الأرض ، فخرجت بهم خيلهم تنفض أعرافها لها صهل ، وما ذهب لهم في الماء شيء إلا قدح كانت علاقته رثة ، فذهب به الماء ، وإذا به قد ضربته الرياح والموج حتى وقع على الشاطئ ، فأخذه صاحبه ، ولم يغرق منهم أحد ، ففجئوا أهل فارس بأمر لم يكن في حسابهم ، وأعجلوهم على حمل أموالهم . [ ص: 241 ]

                                                                                                                                                                                                                              فدخلها المسلمون في صفر سنة ست عشرة واستولوا على كل ما بقي في بيوت كسرى من الثلاثة آلاف ألف ألف شيرويه وما جمع من بعده .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية