الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهان : الأول : قال ابن فارس في فقه اللغة : الشعر كلام موزون مقفى ، دال على معنى ، ويكون أكثر من بيت ، وإنما قلنا هذا ، لأنه جائز اتفاقا سطر واحد ، بوزن يشبه وزن الشعر من غير قصد ، فقد قيل إن بعض الناس كتب في عنوان الكتاب : للأمير المسيب بن زهير بن عقال بن شيبة بن عقال ، فاستوى هذا في الوزن الذي هو الخفيف ، ولعل الكاتب لم يقصد به شعرا .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : فإن قيل : ما الحكمة في تنزيه الله تعالى نبيه عن الشعر ؟ فالجواب : أو ما في ذلك حكم الله بأن الشعراء يتبعهم الغاوون . وأنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون فلم يكن ينبغي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشعر بحال ، لأن للشعر شرائط لا يسمى الإنسان بغيرها شاعرا ، وذلك لو أن إنسانا عمل كلاما مستقيما موزونا ، يتحرى فيه الصدق من غير أن يفرط أو يتعدى ، أو يمني أو يأتي منه بأشياء لا يمكن كونها منه لما سماه الناس شاعرا ، ولكان ما يقوله محمولا ساقطا .

                                                                                                                                                                                                                              وقال قال بعض العقلاء ، وسئل عن الشعر فقال : إن هزل أضحك ، وإن جد كذب ، والشاعر بين كذب وإضحاك ، وإذا كان كذلك فقد نزه الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- عن هاتين الخصلتين ، وبعد فإنا لا نكاد نرى شاعرا إلا مادحا غارقا أو هاجئا جبانا أقرع . وهذه أوصاف لا تصلح لنبي ، فإن قال قائل : فقد يكون من الشعر الحكمة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة"

                                                                                                                                                                                                                              قيل له : إنما نزهه الله تعالى عن قليل الشعر وكثيره لما ذكرناه ، فأما الحكمة فقد آتاه الله تعالى من ذلك القسم الأجزل ، والنصيب الأوفر ، في الكتاب والسنة ، ومعنى آخر في تنزيهه عن قول الشعر : إن أهل العروض مجمعون على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع ، إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنظم ، وصناعة العروض تقسم الزمان بالحروف المسموعة ، فلما كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع ، والإيقاع ضرب من الملاهي ، لم يصلح ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد قال -صلى الله عليه وسلم- : "ما أنا من دد . [ ص: 416 ]

                                                                                                                                                                                                                              ولا دد مني"
                                                                                                                                                                                                                              . رواه البخاري في الأدب عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- بلفظ : "لست من دد ولا الدد مني" يعني : لست من الباطل ولا الباطل مني .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية