الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السادس والثلاثون في إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم لثعلبة بن حاطب رضي الله تعالى عنه

                                                                                                                                                                                                                              [روى الباوردي وابن شاهين وابن السكن والبيهقي عن أبي أمامة قال : جاء ثعلبة بن حاطب ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا وولدا ، فقال : «ويحك يا ثعلبة ، قليل تطيق [ ص: 212 ] شكره خير من كثير لا تطيقه» فأبى ، فقال : «ويحك يا ثعلبة ، أما تحب أن تكون مثلي ، فلو شئت أن يسير ربي معي هذه الجبال ذهبا لسارت» ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يرزقني مالا وولدا ، فو الذي بعثك بالحق ، إن أتاني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه ، فدعا له فاشترى غنما ، فبورك له فيها ، ونمت كما ينمو الدود حتى ضاقت به المدينة ، فتنحى بها فكان يشهد الصلاة بالنهار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشهدها بالليل ، ثم نمت فتنحى بها ، فكان لا يشهد الصلاة لا بالليل ولا بالنهار إلا من جمعة إلى جمعة ، ثم نمت فتنحى بها فكان لا يشهد جمعة ولا جنازة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ويح ثعلبة بن حاطب» ، ثم إن الله أمر رسوله أن يأخذ الصدقات ، فبعث رجلين وكتب لهما أسنان الإبل والغنم كيف يأخذانها وأمرهما أن يمرا على ثعلبة ، فمرا به فسألاه الصدقة ، فقال : أرياني كتابكما ، فنظر فيه ، فقال : ما هذه إلا جزية ، انطلقا حتى تفرغا ثم مرا ، فلما فرغا مرا به فقال : ما هذه إلا جزية ، انطلقا حتى أرى رأيي ، فانطلقا حتى أتيا المدينة ، فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يكلمهما : «ويح ثعلبة بن حاطب» ، وأنزل الله تعالى : ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله الآيات الثلاث ، فبلغ ثعلبة ما أنزل فيه ، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقته ، فقال : «إن الله منعني أن أقبل منك» ، فجعل يبكي ويحثي التراب على رأسه ، فلم يقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر حتى هلك في خلافة عثمان] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية