الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في بركة ريقه الطيب صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني عن أبي عقيل الديلي رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنت به ، وصدقت وسقاني رسول الله صلى الله عليه وسلم- شربة سويق ، شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولها وشربت آخرها فما زلت أجد بلتها على فؤادي إذا ظمئت ، وبردها إذا أضحيت رواه قاسم بن ثابت في الدلائل عن حنش وهو بفتحتين ثم شين معجمة ابن عقيل بفتح أوله ، قال : دعاني النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فأسلمت فسقاني فضلة سويق فما زلت أجد ريها إذا عطشت ، وشبعتها إذا جعت .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد قال : (أخبرنا ) الواقدي حدثني أبي بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه سمعت عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو أسيد وأبو حميد وأبو سهل بن سعد يقولون : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بئر بضاعة ، فتوضأ في الدلو ، ورده في البئر ومج مرة أخرى في الدلو ، وبصق فيها وشرب من مائها ،

                                                                                                                                                                                                                              وكان إذا مرض المريض في عهده يقول : «اغسلوه من ماء بضاعة» ، فيغسل ، فكأنما حل من عقال .


                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن حنظلة بن قيس أن عبد الله بن عامر بن كريز أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفل عليه وعوده فجعل يتسرع ريق النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «إنه ليشفى» وكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له فيها الماء وروى الحاكم وصححه وأقره الذهبي عن ثابت بن قيس بن شماس أنه فارق جميلة بنت عبد الله بن أبي وهي حامل بمحمد ، فلما ولدته حلفت لا تلبنه من لبنها ، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبزق في فيه ، وحنكه بتمرة عجوة ، وسماه محمدا ، وقال : اختلف به ، فإن الله رازقه ، فأتيته في اليوم الأول والثاني والثالث ، فإذا أنا بامرأة من العرب ، تسأل عن ثابت بن قيس ابن شماس فقلت : ما تريدين منه ؟ فقالت : رأيت أني أرضع ابنا له ، يقال له : محمد ، قال : فأنا ثابت ، وهذا ابني محمد ، قال : وإذا درعها ينعصر من لبنها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق على أثر سهم في وجهه في يوم ذي قرد ، قال : فما ضرب علي قط ولا قاح . [ ص: 42 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد بن حميد عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل على رجل زيد بن معاذ حين أصابها السيف أي العلب حين قتل ابن الأشرف فبرأت .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه الواقدي لكن قال : الحارث بن أوس ، بدل زيد بن معاذ ، وروى ابن عساكر عن بشير بن عقربة ، قال : لما قتل أبي يوم أحد ، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، فقال : «أما ترضى أن أكون أبوك ، وعائشة أمك» ، فمسح رأسي فكان أثر يده من رأسي أسود وسائره أبيض ، وكانت بي رثة فتفل فيها فانحلت .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن جرهد رضي الله عنه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه طعام ، (فأدنى ) جرهد يده الشمال وكانت يده اليمنى مصابة ، فنفث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فما شكا حتى مات .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحميدي برجال ثقات عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء زمزم ، فشرب ، ثم توضأ ، ثم مجه في الدلو مسكا أو أطيب من المسك ، واستنثر خارجا من الدلو .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا ببعض الطريق سمع صوت الحسن والحسين ، وهما يبكيان ، فقال لفاطمة : «ما شأن ابني ؟ » قالت : العطش ، فنادى في الناس «هل أحد منكم معه ماء ؟ » فلم يجد أحد منهم قطرة ، فقال : «ناوليني أحدهما» فناولته إياه من تحت الخدر ، فأخذه فضمه إلى صدره وهو يضغو لم يسكت ، فأدلع لسانه فجعل يمصه حتى هدأ ، وسكن فلم أسمع له بكاء ، والآخر يبكي كما هو ما يسكت ، فقال : «ناوليني الآخر» فناولته إياه ففعل به كذلك فسكتا فما سمع لهما صوتا .

                                                                                                                                                                                                                              والأحاديث في هذا الباب كثيرة وتقدم بعضها .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية