الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس والعشرون في إخباره صلى الله عليه وسلم بكتاب حاطب إلى أهل مكة

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن إسحاق والبيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه من المسير إليهم ثم أعطاه امرأة من مزينة ، وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها وخرجت به ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب ، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ، فقال : «أدركا امرأة قد كتب معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن علي رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد ، فقال : «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها ظعينة معها كتاب ، فخذوه منها» ، قال : فانطلقنا تعادي بنا خيلنا حتى أتينا الروضة ، فإذا نحن بالظعينة ، قلنا لها : أخرجي الكتاب ، قالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب ، قال : فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس بمكة من [ ص: 65 ] المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا حاطب ، ما هذا ؟ !» قال : يا رسول الله ، لا تعجل علي ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، يقول : كنت حليفا ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم ، فأحببت أن تكون إذ فاتني ذاك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي ، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ، ولا رضى بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أما إنه قد صدقكم» ، فقال عمر : يا رسول الله ، دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال : «إنه شهد بدرا ، وما يدريك ، لعل الله اطلع على من شهد بدرا ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم!» فأنزل الله تعالى هذه الآية :

                                                                                                                                                                                                                              يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة إلى قوله :

                                                                                                                                                                                                                              فقد ضل سواء السبيل


                                                                                                                                                                                                                              [الممتحنة 1] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية