الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والأربعون بعد المائة .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن غبارها يطفئ الجذام .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن الجوزي في الوفاء وابن البخار عن إبراهيم بلاغا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "غبار المدينة شفاء من الجذام" .

                                                                                                                                                                                                                              روى رزين عن سعد -رضي الله عنه- قال : لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تبوك تلقاه رجال من المتخلفين من المؤمنين فأثاروا غبارا فخمروا فغطى بعض من كان معه فأزال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللثام عن وجهه ، وقال : "والذي نفسي بيده ، إن في غبارها شفاء من كل داء" . قال : وأراه ذكر من الجذام والبرص .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن زبالة عن صيفي بن أبي عامر -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "والذي نفسي بيده ، إن تربتها لمؤمنة ، وإنها شفاء من الجذام" ، قال السيد : وقد رأينا من استشفى بغبارها من الجذام ، وكان أضر به كثيرا ، فصار يخرج إلى الكوفة البيضاء ببطحان بطريق قباء ، ويتمرغ بها ويتخذ فيها مرقدة فنفعه ذلك جدا . قال الإمام الحجة يحيى بن الحسن بن جعفر العلوي عن [ . . . . . . ] أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "أتانا الجرب ، فإذا هم روباء ، فقال : ما لكم يا بني الحارث روباء ؟ قالوا أصابتنا يا رسول الله هذه الحمى ، قال : فأين أنتم من صعيب ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما نصنع به ؟ قال : تأخذون من ترابه فتجعلونه في ماء ثم يتفل عليه أحدكم ، ويقول : بسم الله ، تراب أرضنا ، بريق بعضنا شفاء لمريضنا ، بإذن ربنا ، ففعلوا فتركتهم الحمى" .

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو القاسم طاهر بن يحيى ، فصعيب وادي ببطحان دون الماجشونية ، وفيه حفرة مما يأخذ الناس منها اليوم ، إذا وبأ إنسان أخذ منه ، قال السيد : والماجشونية في الحديبية المعروفة اليوم بالدشنوية ، وذكر المجد اللغوي : أن جماعات من العلماء ذكروا أنهم جربوا تراب صعيب للحمى فوجدوه صحيحا .

                                                                                                                                                                                                                              قال : وأنا بنفسي سقيته غلاما لي مريضا من نحو سنة فانقطعت عنه من يومه وقال : [ ص: 331 ] [ . . . . ] : وكيفية الاستشفاء به أن يجعل في الماء ويغسل به من الحمى . قال السيد : وينبغي أن يجعل في الماء ثم يتفل عليه ويقال عليه الرقية الواردة ثم يجمع بين الشرب والغسل .

                                                                                                                                                                                                                              الأربعة والأربعون بعد المائة .

                                                                                                                                                                                                                              وبأن من تصبح بسبع ثمرات عجوة على الريق من بين لابتي المدينة حتى يصبح لم يضره شيء حتى يمسي وإن أكلها حين يمسي لم يضره شيء حتى يصبح .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن في عجوة العالية شفاء ، وإنها ترياق أول البكرة" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى النسائي والطيالسي والطبراني بسند جيد "العجوة من الجنة وهي شفاء من السم" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "من تصبح بسبع تمرات عجوة من بين لابتي المدينة على الريق لم يضره شيء في ذلك اليوم سم ولا سحر" .

                                                                                                                                                                                                                              ولفظ أحمد : "لا شيء حتى يمسي" .

                                                                                                                                                                                                                              قال النووي : تخصيصها دون غيرها ، وعدد السبع من الأمور التي علمها الشارع ، ولا نعلم نحن حكمتها ، فيجب الإيمان بها واعتقاد فضلها ، وما ذكره القاضي والمازري في هذا باطل وقصدت بذلك (التحذير) من الاغترار به . انتهى ، وكذلك ما ذكره ابن التين ، وهو مردود لأن سوق الأحاديث وإيراد العلماء لها وإطباق العلماء على التبرك بعجوة المدينة وغيرها ، يرد التخصيص بزمنه مع أن الأصل عدمه ولم تزل العجوة معروفة بالمدينة يأبرها الخلف عن السلف ، ويعلمها كبيرهم وصغيرهم علما لا يقبل التشكيك .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن الأثير : العجوة ضرب من التمر أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد وهو مما غرسه النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده وذكر الأخير القزاز ، فنقل الأرداء التي كاتب سلمان الفارسي عليها أهله وغرسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة بالعقير وغيره من العالية كانت عجوة ، والعجوة توجد بالعقير إلى يومنا هذا ، ويبعد أن يكون المراد أن هذا النوع إنما حدث بعد زمانه -صلى الله عليه وسلم- وأن جميع ما يوجد منه من غرسه -صلى الله عليه وسلم- كما لا يخفى ، قاله السيد . [ ص: 332 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية